للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذِه الصُّورَة موضِعُ خِلافٍ بَين الْبَصرِيين والكوفيين، فمذهب الْبَصرِيين أنّه لايجوز الإعمال، وفصّل الْكُوفِيُّونَ فَأجَاز هِشَام النصب وَالرَّفْع بعد الْمُبْتَدَأ، وأجازهما الكسائيّ بعد اسْم "إنّ"، وَبعد اسْم "كَانَ"، وَوَافَقَهُ الْفراء فِي "إنّ"، وَخَالفهُ فِي "كَانَ" فَأوجب الرّفْع، ونصّ الْفراء على وجوب الرّفْع بعد "ظنّ"، قَالَ أَبُو حَيَّان: " وَقِيَاس قَول الكسائيّ جَوَاز الْوَجْهَيْنِ " ١، لذَلِك اخْتلف الْفَرِيقَانِ فِي قَول الشَّاعِر:

لاتَترُكَنِّي فِيهُمُ شَطِيرا ... إِنّي إِذَنْ أَهْلِكَ أَو أَطِيرا٢

فتأوّله البصريون على أنّه شاذٌّ، أَو إِنْ صحت الرِّوَايَة فإنّه على أحد وَجْهَيْن:

إمّا أَن يَجْعَل "إِذَنْ أَهْلِكَ" جملَة فِي مَوضِع خبر "إنّ"، وإمّا أَن يكون خبر "إنّي" محذوفاً، أَي: إنّي لاأستطيع، أَو لَا أقدر عَلَيْهِ، أَو إنّي أُذلّ، ثمَّ اسْتَأْنف بـ"إِذَنْ" فنصب الْفِعْل بعد تَمام الأول بِخَبَرِهِ؛ أَمّا الْكُوفِيُّونَ فبنوا على هَذَا الْبَيْت مسائلهم.

قَالَ رضيّ الدّين فِي نِهَايَة هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة الَّتِي تقع فِيهَا "إِذَنْ" حَشْوًا: "وَلَا يَقع الْمُضَارع بعد "إِذَنْ" فِي غير هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة مُعْتَمدًا على مَا قبلهَا بالاستقراء، بل تقع متوسطة فِي غير هَذِه الْمَوَاضِع، نَحْو: "يقتلُ إِذَنْ


١ - الارتشاف ٤/١٦٥٢، وَينظر التَّذْكِرَة ٥٥٩، والهمع ٢/٧.
٢ - الْبَيْت بِلَا نِسْبَة وَهُوَ فِي مَعَاني الْقُرْآن للفراء ٢/٣٣٨، وَشرح الْكتاب للسيرافي ١/٨٦، وَشرح الجزولية ٢/٤٧٩، وَابْن يعِيش ٧/١٧، والمقرب ١/٢٦١، وَشرح الكافية ٢/٢٣٨، وَشرح التسهيل٤/٢١، ورصف المباني ١٥٤، والارتشاف ٤/١٦٥٣، والجنى الداني ٣٦٢، والمساعد ٣/٧٦، وَالْمُغني ١٦، وَشرح الكافية الشافية ٣/١٥٣٧، والهمع ٢/٧، وشواهد الْمُغنِي للسيوطي ١/٧٠.

<<  <   >  >>