للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عطية: قال حذاق أهل العلم ليس من شرط الناهي أن يكون سليماً عن معصية بل ينهى العصاة بعضهم بعضاً.

وقال بعض الأصوليين: فرض على الذين يتعاطون الكئوس أن ينهى بعضهم بعضاً لأن قوله {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة: ٧٩] يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي، انتهى.

وقد روي عن أنس قال: قلنا يا رسول الله لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به كله، ولا ننهي عن المنكر حتى نجتنبه كله؟ فقال صلى الله عليه وسلم:

«بل مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كله، وانهوا عن المنكر وإن لم تجتنبوه كله».

رواه الطبراني:

وقال الغزالي: وقد اعتبر العدالة قوم، وقالوا: ليس لفاسق أن يأمر وينهي، وربما استدلوا فيه بالتنكير الوارد على من يأمر بما لا يفعله، وربما استدلوا بأن هداية الغير فرع للاهتداء، وتقويم الغير فرع للاستقامة، والإصلاح زكاة عن نصاب الصلاح.

قال: وكل ما ذكروه خيالات، وإنما الحق أن للفاسق أن يأمر وينهي.

ثم ذكر من البراهين على ذلك ما فيه شفاء للصدور ولكنه لم يطلق عدم اشتراط العدالة كما أطلق النووي وغيره، بل قال: إن الحسبة تارة تكون بالنهي بالوعظ، وتارة بالقهر، ولا ينجع وعظ من لا يتعظ أولاً. ونحن نقول إن من علم أن قوله لا يقبل لعلم الناس بفسقه فليس عليه الحسبة بالوعظ إذ لا فائدة في وعظه، فالفسق يؤثر في فائدة كلامه، ثم إذا سقطت فائدة كلامه سقط وجوب

<<  <   >  >>