ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وأن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال بيده هكذا».
قال ابن شهاب: بيده فوق أنفه.
وقال بعضهم: الذنب الذي لا يغفر، قول العبد ليت كل شيء عملته مثل هذا وقد أوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائه: لا تنظر إلى قلة الهدية وانظر إلى عظم مهديها، ولا تنظر إلى صغر الخطيئة، وانظر إلى كبرياء من واجهته بها.
واعلم: أن كل من تحقق بشهود جلال الله وعظمته وتفكر في سعة إحسانه وعظم منته، ولاحظ ما أسبغه عليه من نعمته من غير استحقاق لشيء من ذلك لم ير قط صغيرة، بل كل مخالفة فهي عنده كبيرة، بالإضافة إلى عز الربوبية، ووجوب انقياد العبد بلازم العبودية لما ساء وسر من تفاصيل أحكامها وبهذا تعظم زلة العالم وغفلة العارف، لأن من خالف أمر سيده مع معرفته به وشدة بطشه واستيلاء قهره وعظمة اقتداره لا يكون كمن خالف مع جهله وعدم معرفته بصفات جلاله.
اللهم عرفنا بك ووفقنا للقيام بأوامرك على قدم العبودية، والوفاء بحقيقة الأدب في الحركات والسكنات، يا من بيده مقاليد كل خير وهو على كل شيء قدير.
ومنها: السرور بالصغيرة والفرح بارتكابها والافتخار بها، وشهود تمكينه منها نعمة، والغفلة عن كونها نقمة وسببًا للشقاء:
مثل أن يقول:
ظفرت بفلانة البارحة بعد طول امتناعها، وتعزيزها فعانقتها وقبلتها على رغم أنف الحسود.
وخاصمني فلان فأظهرت مساوئه وفضحته على رءوس الأشهاد.
وجلس فلان في صدر الحلقة فأقمته منه وجلست مكانه.
وأغضبتني فلانة فطلقتها ثلاثًا ولم ألتفت إلى حيضها.