للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قلت: هذا الكلام لا شك فيه وإنما دخل عليهم الوسواس من اشتراط مقارنة النية التكبير، والأدلة في اشتراطها عقلية لا نقلية، وإنما استحب المتأخرون التلفظ بالنية لأنه مظنة التذكار والحضور غالباً، وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعون إنما كان يعلم دخولهم في الصلاة بالتكبير حسب لا غير.

قال الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: ومن هؤلاء من يأتي بعشر بدع لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا واحد من الصحابة واحدة منها، فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، نويت أصلي صلاة الظهر فريضة الوقت أداء لله تعالى إماماً أو مأموماً أربع ركعات مستقبل القبلة، ثم يزعج أعضاءه ويحني جبهته ويقيم عروق عنقه، ويصرخ بالتكبير كأنه يكبر على العدو، فلو مكث أحدهم عمر نوح عليه السلام يفتش هل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحد من شيئاً من ذلك لما ظفر به إلا أن يجاهر بالكذب البحت، فلو كان في هذا خير لسبقونا إليه ولدلونا عليه، فإن كان هذا هدي فقد ضلوا عنه، وإن كان الذي كانوا عليه هو الهدي فماذا بعد الحق إلا الضلال.

قال: ومن أضاف الوسواس ما يفسد الصلاة مثل تكرير بعض الكلمة كقوله في التحيات: أت أت التحي التحي، وفي السلام: أس أس/ ونحو ذلك، فهذا ٢٨٠ الظاهر بطلان الصلاة، وربما كان إماماً فأفسد صلاة المأمومين وصارت الصلاة التي هي أكبر الطاعات أعظم إبعاداً له عن الله تعالى من الكبائر، وما لم يبطل الصلاة من ذلك فمكروه وعدول عن السنة ورغبة عن طريقه صلى الله عليه وسلم وهديه وما كان عليه أصحابه، انتهى.

ومنها: أن بعضهم يغسل الصوف والجوخ وغيره مما ينسجه الكفار قبل لبسه ويعتقد أن هذا واجب.

وليس كذلك واعتقاده ذلك بدعة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس الثوب التي ينسجها المشركون ويصلي فيها ولم يسمع عنه أنه غسل منها شيئاً قبل لبسه.

وكان ابن عمر رضي الله عنهما يهم بالأمر ويعزم عليه، فإذا قيل له لم يفعله

<<  <   >  >>