للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى “محبته وَرضَاهُ مُسْتَلْزم للإرادة الدِّينِيَّة وَالْأَمر الديني وَكَذَلِكَ بغضه وغضبه وَسخطه مُسْتَلْزم لعدم الْإِرَادَة الدِّينِيَّة فالمحبة وَالرِّضَا وَالْغَضَب والسخط لَيْسَ هُوَ مُجَرّد الْإِرَادَة هَذَا قَول جُمْهُور أهل السّنة.

وَمن قَالَ هَذِه الْأُمُور بِمَعْنى الْإِرَادَة كَمَا يَقُوله كثير من الْقَدَرِيَّة وَكثير من أهل الْإِثْبَات فَإِنَّهُ يسْتَلْزم أحد الْأَمريْنِ:

إِمَّا أَن الْكفْر والفسوق والمعاصي مِمَّا يكرهها دينا فقد كره كَونهَا وَأَنَّهَا وَاقعَة بِدُونِ مَشِيئَته وإرادته، وَهَذَا قَول الْقَدَرِيَّة.

أَو يَقُول: إِنَّه لما كَانَ مرِيدا لَهَا شاءها فَهُوَ محب لَهَا راضٍ بهَا كَمَا تَقوله طَائِفَة من أهل الْإِثْبَات.

وكلا الْقَوْلَيْنِ فِيهِ مَا فِيهِ فَإِن الله تَعَالَى يحب الْمُتَّقِينَ١ وَيُحب المقسطين٢ وَقد رَضِي عَن الْمُؤمنِينَ٣ وَيُحب مَا أَمر بِهِ أَمر إِيجَاب٤ أَو اسْتِحْبَاب٥، وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنى ثَابتا فِي الْكفَّار والفجار والظالمين وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر وَلَا يحب كل مختال فخور٦.


١ - يَقُول الله عز وَجل {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} التَّوْبَة ٤.
٢ - يَقُول الله عز وَجل {إِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الحجرات ٩.
٣ - يَقُول الله عز وَجل {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الْفَتْح ١٨.
٤ - الْإِيجَاب وُرُود خطاب الشَّرْع بِطَلَب فعل مَعَ جزم مقتضٍ للوعيد على التّرْك. انْظُر شرح الْكَوْكَب ١/٣٤٠.
٥ - الِاسْتِحْبَاب هُوَ النّدب وَهُوَ وُرُود خطاب الشَّرْع بِطَلَب فعل لَيْسَ مَعَه جزم. انْظُر شرح الْكَوْكَب ١/٣٤٠ أَو هُوَ طلب لفعل غير كف ينتهض فعله خَاصَّة سَببا للثَّواب. انْظُر بَيَان الْمُخْتَصر ١/٣٣١.
٦ - يَقُول الله عز وَجل {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} النِّسَاء ٣٦.

<<  <   >  >>