للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا أَن عين هَذِه الأكوان هِيَ مَأْمُور بهَا ومنهي عَنْهَا فَإِن هَذَا بَاطِل قطعا، بل عينهَا وَإِن كَانَت مَنْهِيّا عَنْهَا فَهِيَ مُشْتَمِلَة على الْمَأْمُور بِهِ وَلَيْسَ مَا اشْتَمَل على الْمَأْمُور بِهِ الْمُطلق يكون مَأْمُورا بِهِ.

ثمَّ يُقَال: وَلَو نهي عَن الِامْتِثَال على وَجه معِين مثل أَن يُقَال: - صلِّ وَلَا تصلِّ فِي هَذِه الْبقْعَة، وخِطْ هَذَا الثَّوْب وَلَا تخِطْه فِي هَذَا الْبَيْت، فَإِذا صلى فِيهِ وخاط فِيهِ فَلَا ريب أَنه لم يَأْتِ بالمأمور بِهِ كَمَا أَمر لَكِن هَل يُقَال: أَتَى بِبَعْض الْمَأْمُور بِهِ أَو بِأَصْلِهِ دون وَصفه؟ وَهُوَ مُطلق الصَّلَاة والخياطة دون وَصفه.

أَو مَعَ مَنْهِيّ عَنهُ بِحَيْثُ يُثَاب على ذَلِك الْفِعْل وَإِن لم يسْقط الْوَاجِب أَو عُوقِبَ على الْمعْصِيَة وَقد تقدم القَوْل فِي ذَلِك وبينت أَن الْأَمر كَذَلِك وَهِي تشبه مَسْأَلَة صَوْم يَوْم الْعِيد وَنَحْوه مِمَّا يَقُول أَبُو حنيفَة فِيهِ بِعَدَمِ الْفساد١٢.


١ - الْفساد فِي اللُّغَة ضد الصّلاح.
انْظُر الْقَامُوس الْمُحِيط ١/٣٢٣.
وَفِي الِاصْطِلَاح عِنْد الْجُمْهُور فِي الْعِبَادَات عدم سُقُوط الْقَضَاء بِالْفِعْلِ، وَفِي الْمُعَامَلَات تخلف الْأَحْكَام عَنْهَا وخروجها عَن كَونهَا أسباباً مفيدة للْأَحْكَام
وَعند الْحَنَفِيَّة الْفَاسِد مَا كَانَ مَشْرُوعا بِأَصْلِهِ غير مَشْرُوع بوصفه.
انْظُر كشف الْأَسْرَار للْبُخَارِيّ ١/٥٣٠ وَشرح الْكَوْكَب ١/٤٦٥ - ٤٦٧.
٢ - هَذِه مَسْأَلَة النَّهْي الْمُطلق عَن التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة، وَهُوَ عِنْد الْحَنَفِيَّة يَقْتَضِي قبحاً لِمَعْنى فِي غير الْمنْهِي عَنهُ لَكِن يكون مُتَّصِلا بِهِ حَتَّى يبْقى الْمنْهِي مَشْرُوعا وَلَا يدل النَّهْي على الْبطلَان كَصَوْم يَوْم الْعِيد حسن مَشْرُوع بِأَصْلِهِ وَهُوَ الْإِمْسَاك لله تَعَالَى فِي وقته فَيكون طَاعَة وقربة، وَهُوَ قَبِيح بوصفه وَهُوَ الْإِعْرَاض عَن الضِّيَافَة الْمَوْضُوعَة فِي هَذَا الْوَقْت بِالصَّوْمِ، فَلم تنْقَلب الطَّاعَة مَعْصِيّة بل هُوَ طَاعَة انْضَمَّ إِلَيْهَا وصف هُوَ مَعْصِيّة، وَلذَا ذكر بعض الْحَنَفِيَّة أَن صَوْم يَوْم الْعِيد مَكْرُوه.
انْظُر أصُول الْبَزْدَوِيّ مَعَ كشف الْأَسْرَار ١/٥٥١ - ٥٦١ وكشف الْأَسْرَار للْبُخَارِيّ١/٥٢٦ - ٥٢٨ وكشف الْأَسْرَار للنسفي ١/١٤٥ - ١٤٨ وبدائع الصَّنَائِع ٢/٧٨ وَفتح الْقَدِير للكمال ابْن الْهمام ٢/٢٩٨ وَانْظُر الْمَسْأَلَة فِي الْمُسْتَصْفى ٣/٢٠٤ - ٢٠٧.

<<  <   >  >>