للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن سعد بن أبي وقَّاص- رضي الله عنه- أنَّه سمع ابناً له يدعو وهو يقول: اللهمَّ إنِّي أسألك الجنَّةَ ونعيمها وإستبرقها ونحواً من هذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها. فقال: يا بنيَّ إنِّي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكون قوم يعتدون في الدعاء». وإيَّاك أن تكون منهم؛ إنَّك إذا دخلتَ الجنة أعطيتَ ما فيها من الخير، وإن أعذتَ من النار أعذتَ ممَّا فيها من الشَّرِّ (١).

وعن عبد الله بن مغفل- رضي الله عنه- أنَّه سمع ابنَه وهو يقول في دعائه: اللهمَّ إنِّي أسألك القصر الأبيض عن يمين الدَّاخل إلى الجنَّة. فقال: (يا بنيَّ سل اللهَ الجنَّةَ وتعوَّذ به من النَّار؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور» (٢).

١٩ - الاقتصارُ على طلب الدُّنيا في دعائه واستدامته ذلك؛ قال ابنُ كثير: ذَمَّ الله مَن لا يسأله إلَّا في أمر دنياه وهو معرض عن أخراه؛ وذلك عند قوله تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: ٢٠٠] أي من نصيب ولاحظ. وتضمن هذا الذم التنفير عن التشبيه بمن هو كذلك قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام

غيث وعام خصب وعام ولاد حسن لا يذكرون من أمر الآخرة

شيئا فأنزل الله فيهم {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا

وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} وكان يجيء بعدهم قوم آخرون


(١) سبق تخريجه ص٥٣.
(٢) مسند الإمام أحمد بن حنبل (٤/ ٨٧)، صحيح ابن حبّان، باب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عمَّا يكون في أمَّته من الفتن والحوادث، (١٥/ ١٦٦)، والحاكم في مستدركه (٥/ ٣٥)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

<<  <   >  >>