للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضحاك رضي الله عنه قال: (نذر رجل أن يذبح إبلا ببوانة فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «هل كان فيه وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟» قالوا: لا، قال: «فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟» قالوا: لا قال: «أوفِ بنذرك فإنه لا وفاء بنذر في معصية الله ولا فيما لا يملكه ابن آدم» (١). لأن أماكن الشرك والمحادة لله ورسوله لا يُتعبد فيها لله تعالى.

ولأنه قد شابه أولئك المشركين في تعظيم هذه البقاع التي تعبدون فيها بأنواع العبادات التي يصرفونها لغير الله جل وعلا –فدعاء الله وحده- إن كان مخلصا له- إن كان في ذلك المكان الذي يتقرب فيه لغير الله فإنه لا يحل ولا يجوز بل هو من وسائل الشرك ومما يُغري بتعظيم ذلك المكان وحكمه أنه محرم لأجل هذه المشابهة في الفعل فهو يدعو إلى تعظيم هذه البقاع بفعله وإن لم يقصد التعظيم. لكن قد يقول قائل: إنه جاء الإذن عن الصحابة بالصلاة في الكنيسة وقد صلى عمر رضي الله عنه في كنيسة بيت المقدس (٢) فالدعاء من باب أولى.

فالجواب: إن هذا الإيراد ليس بوجيه ذلك لأن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في مسجد الضرار وعن الذبح بمكان يذبح فيه لغير الله إنما هو لأن صورة العبادة واحدة فصورة الذبح من الموحد ومن المشرك واحدة وهي إمرار السكين آلة الذبح على الموضع من البهيمة المراد ذبحها وإهراق دمها

في ذلك المكان والصورة الحاصلة من الموحد ومن المشرك واحدة ولهذا فإنه لا تمييز بين الصورتين من حيث الظاهر وإن اختلفت مقاصدها فكذلك صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة في مسجد الضرار فيها مشابهة من حيث الصورة


(١) رواه أبو داود، باب ما يؤمر به من الوفاء عن النذر برقم ٢٣٣١٣ (٢/ ٢٥٧)، وقال الصنعاني في سبل السلام: وهو صحيح الإسناد ٤/ ٢١٨ دار الكتاب العربي الطبعة السابعة ١٤١٤هـ.
(٢) انظر صحيح البخاري (٢/ ٢٥٠).

<<  <   >  >>