ما كنت أدري قبل سود جفونها ... أن الجفون مكامن الآجال
بكر تقوّم تحت حمر ثيابها ... عرض الجمال الجوهر السيال
ريانة وهب الشباب أديمها ... لطف النسيم ورقة الجريال
عذبت مراشفها فأصبح ثغرها ... كالأقحوان على غدير زلال
وسرى بوجنتيها الحياء فأشبهت ... ورداً تفتح في نسيم شمال
وسخا الشقيق لها بحية قلبه ... فاستعملتها في مكان الخال
حتام يطمع في نمير وصالها ... قلبي فتورده سراب مطال
علت بخمر رضابها فمزاجها ... لم يصح يوماً من خمار ملال
هي منيتي وبها وحصول منيتي ... وضياء عيني وهي عين ضلالي
أدنو إليها والمنية دونها ... فأرى مماتي والحياة حيالي
تخفى فيخفيني النحول وتنجلي ... فيقوم في البدر التمام ظلالي
علقت بها روحي فجردها الضنى ... من جسمها وتعلقت بشمالي
فلو أنني في غير يوم زرتها ... لتوهمني زرنها بخيالي
لم يبق مني حبها شيئاً سوى ... شوق ينازعني وجذبة حال
من لم يصل في الحب مرتبة الفنا ... فوجوده عدم وفرض محال
فكري يصورها ولم تر غيرها ... عيني ورسم جمالها بخيالي
بانت فما سجعت بلابل بانة ... إلا أبانت بعدها بلبالي
ومحال البلا مثلي معاهدها ومن ... عجب يجددها الغرام ببالي
أنا في غدير الكرختين ومهجتي ... معها بنجد من ظلال الضال
حيا الحيا حياً بأكناف الحمى ... تحميه بيض ظبا وسمر عوالي
حيا حوى الأضداد فيه فنقعه ... ليل يقابله نهار نصال
تلفى بكلّ من خدور سراته ... شمس قد اعتنقت ببدر كمال
جمع الضراغم والمها فحيامه ... كنس الغزال وغابة الرئبال
وسقى زماناً مر في ظهر النقا ... ولياليا سلفت بعين أثال
ليلات لذات كأن ظلامها ... خال على وجه الزمان الخالي
نظمت على نسق العقود فأشبهت ... بيض اللآلي وهو بيض ليالي