للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الباب الثاني

نذكر فيه مناظرة النرجس والورد المسماة بالجوهر الفرد للشيخ الأديب أبي الحسن علي بن محمد المارديني رحمه الله خدم بها قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن كشك ومناظرة المنجم والطبيب المسماة بمنية اللبيب للشيخ الأديب العلامة.

محمد مؤمن بن الحاج محمد قاسم الجزائري رحمه الله تعالى

الجوهر الفرد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنبت في رياض الخدود وردة الخجل وزين أغصان القدود بنرجس حين المقل وأوضح لذوي الدب سبيل البلاغة فاتضح واستجلوا من وجوه المعني عيون الملح، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الفارق بين الشك واليقين بقول غير ملتبس وعلى الآل والأصحاب ما خجلت خدود الورد من تغازل عيون النرجس وبعد: فلما كان الورد والنرجس من أحسن الأزهار وصفاً وألطفها شكلاً وأطيبها عرفاً، وقد اختلف بينهما في التفضيل وأيهما إذا حضر كان لبيت البسط تكميل مثلّتهما كالخصمين في المناظرة واستنطقت لسان حالهما على سبيل المحاظرة فقال الورد: الحمد لله الذي أنزل في محكم القرآن - فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان - والصلاة والسلام على نبيه محمد المبعوث إلى الأسود والأحمر الذي نسخ بشريعته البيضاء ملة بني الأصفر، وبعد فإن الله تعالى فضلني على سائر الزهور بأرفع المراتب، فوجب عليّ شكر نعمته وشكر المنعم واجب، فيّ تتجمّل المجالس والمحافل:

وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل

كفاني الله عن حسودي، فالروض ملكي والزهر جنودي وما فيهم من خرج عن أعلامي السلطانية، وكيف لا يطيعوني وشوكتي فيهم قوية فازورّت أحداق النرجس، وقام على ساقه في المجلس، وقال أقسم بمن أنزل في كتابه المبين - صفراء فاقع لونها تسر الناظرين - وحق محمد المحمود الذي أوحي إليه - قتل أصحاب الأخدود - لقد مدحت نفسك بالكمال مع نقصك وما جررت النار إلا إلى قرصك أتعيرني بالاصفرار وهو لون التبر إذا أنسبك وتفتخر عليّ بالاحمرار فما أحمرك فتأدب في

<<  <   >  >>