للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والانتقام منه، فقال له الحكيم أتفهم ما أقول لك فأكلمك أم يكفيك ما عندك من فورة الغضب التي تشغلك عني؟ فقال إني لما تقول لواع، فقال أسرورك بمودته كان أطول أم غمك بذنبه؟ قال بل سروري، قال أفحسناته عندك أكثر أم سيئاته؟ قال بل حسناته قال فاصفح بصالح أيامك معه عن ذنبه وهب لسرورك به جرمه واطرح مؤونة الغضب والانتقام للود الذي بينكما في سالف الأيام ولعلك لا تنال ما أملت فتطول مصاحبة الغضب ويؤول أمرك إلى ما تكره.؟ وقال حكيم من نصحك أحسن إليك ومن وعظك أشفق عليك عدّ أضعف أعدائك قوياً وأجبن أوزارك جريا. الناس رجلان عاقل لا يحتاج للتأديب وجاهل يحتاج للتأديب قال الشاعر:

البعض يضرب بالعصى ... والبعض تكفيه الإشارة

قال بعض الأدباء إياك والنظرة فإنها تنتج الحسرة طوبى لمن كان بصره في قلبه والويل

لمن كان قلبه في بصره وأفضل القول كلمة حق عند من تخافه، أحمق الناس من باع دينه بدنيا غيره، ضعف البصر لا يضر مع نور البصيرة، كثرة النوم تجلب الدمار وتسلب الأعمار، للعاقل فضيلتان عقل يستفيد ونطق يفيد، من حسن خلقه كثرت أخوانه، من اودع الوفاء صدره أمن الناس غدره، أجهل الناس من يمنع البر ويطلب الشكر ويفعل الشر ويتوقع الخير، ربما أخطأ البصير قصده وأصاب الأعمى رشده.

ضرب مثل:

حكي أند ديكاً وصقرا اصطحبا مدة ففي بعض الأيام قال الصقر للديك إني ما رأيت اقل وفاء ولا أضيع لحقوق الصحبة منكم معاشر الديكة فقال الديك ما الذي أنكرته منا؟ قال لأني أرى الناس يكرمونكم ويحسنون إليكم في المطعم والمشرب وأنتم تفرون منهم وتنفرون من قربهم ونحن يأخذون الواحد منا فيعذبونه ويخيطون عينيه ويمنعونه الطعام والشراب ثم يرسلونه فيذهب إلى حيث لا يبقى لهم إليه وصول ولا عليه لهم قدرة ثم يدعونه إليهم فيأتي مسرعاً ويقتنص الصيد والطير لهم، فلما سمع الديك كلام الصقر ضحك ضحكاً عالياً فقال الصقر ما يضحكك أيها الديك؟ فقال عجبت من شدة جهلك وغرورك أما أنك أيها الصقر لو عاينت من جنسك جماعة في كل يوم تُسلخ جلودهم وتقطع أعناقهم ويقلون على النار ويطبخون في القدور لفررت منهم أشد الفرار

<<  <   >  >>