يُثِيْبَنَا) والثواب في اللغة الجزاء مطلقًا، وزعموا أن الثواب يختص بجزاء الخير بالخير غير صحيح، إنما هو عام، [بل يطلق الجزاء](١) بل يطلق الثواب على جزاء الشر بالشر في اللغة ومنه قوله تعالى {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المطففين: ٣٦] ثوب الكفار، الثوب بمعنى الجزاء الشر بالشر هنا، {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً}[المائدة: ٦٠](وَأَنْ يُثِيْبَنَا بِجَنَّةِ العُلَىْ) يعني بدخولها مع السابقين (بِجَنَّةِ العُلَىْ) الدرجات العلى، (العُلَىْ) صفة لموصوف محذوف أي الدرجات (العُلَىْ) جمع عُلْيَا بضم العين مع القصر بمعنى الْعَلياء بفتح العين مع المد، (فَإِنَّهُ) هذا علة لقوله: (الْمُرْتَجِيْ)، (فَإِنَّهُ) أي الرب جل وعلا (أَكْرَمُ مَنْ تَفَضَّلا) والألف هذه للإطلاق. (وَكُنْ أَخِيْ لِلْمُبْتَدِيْ مُسَامِحَا)، (وَكُنْ) المراد هنا الناظر في هذا الكتاب، أيها الناظر (أَخِيْ) يعني في الإسلام فيه استعطاف، (لِلْمُبْتَدِيْ) يعني أخ من صغار العلم (مُسَامِحَا) أي من الزلل الذي قد يظهر في هذا التأليف، (وَكُنْ لإِصْلاحِ الفَسَادِ نَاصِحَا)، (وَكُنْ لإِصْلاحِ) اللام بمعنى في (الفَسَادِ) يعني الكلام الفاسد (نَاصِحَا) أن لا يكون لبادئ الرأي من غير تأمل أي ناصحًا في ذلك، (وَأَصْلِحِ الفَسَادَ بِالتَّأَمُّلِ) الإصلاح المطلوب لا بد وأن يكون مصحوبا (بِالتَّأَمُّلِ) إذًا هنا إِذْنٌ بالإصلاح في صلب المتن مع التأمل الواسع، أما قوله:(وَكُنْ لإِصْلاحِ الفَسَادِ نَاصِحَا) هذا إذًا بالإصلاح على الهامش، يعني ذكر مرتين (وَكُنْ لإِصْلاحِ الفَسَادِ نَاصِحَا) في ذلك وتهمش على المتن، (وَأَصْلِحِ الفَسَادَ) في المتن نفسه (بِالتَّأَمُّلِ) يعني إذا تأملت ووقع أنه خطأ فأصلحه، (وَإِنْ بَدِيْهَةً فَلا تُبَدِّلِ) فإن كان الفساد بديهة أي ظهوره بديهة لبادئ الرأي (فَلا تُبَدِّلِ) ولا تغير.
يعني لا تستعجل (إِذْ) هذا علة لما قبله لأنه قيل لمجرد العزم يعني التضعيف، (كَمْ) هذه للتكثير (كَمْ) للتكثير، وإعرابها مبتدأ خبرها محذوف أي موجود على قول (كَمْ مُزَيِّفٍ) بالجر تمييز، وبالرفع خبر (كَمْ)، فإذا قلت كم مزيفٍ صار مزيف تمييزًا وخبر كم محذوفًا، كم مزيفٌ هذا بالرفع على أنه خبر كم، صحيحًا أي كم شخص جاعل الصحيح مزيفًا أي معيبًا رديئًا لماذا؟ (لأَجْلِ كَوْنِ فَهْمِهِ قَبِيْحَا) الخطأ في فهمه القبيح واذكر العيب النقص
(وَقُلْ لِمَنْ لَمْ يَنْتَصِفْ لِمَقْصِدِيْ) يعني في مقصدي أي لمن لم يسلك طريق الإنصاف فيما قصدته من المسائل، بل سلك طريق اللوم في (العُذْرُ) هذا مقول (قُلْ) وقل العذر أي الاعتذار بالمعنى المصدري (حَقٌّ وَاجِبٌ) للتأكيد، يعني حق بمعنى واجب (لِلْمُبْتَدِيْ) ولغيره وللمبتدي أشد.