للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه خمسة: التواطؤ، والتشاكك، والتخالف أراد به التباين، والاشتراك أيْ: اللفظ، والترادف هذه خمسة أنواع. وهذه كلها تقسيم للكلِّي، الجزئي انتهى بحثه. فنقول: الكُلِّيُّ إن كان معناه واحدًا فإن كان مستويًا في أفراده فالنسبة بينه وبين أفراده: تواطؤٌ كالإنسان. الإنسان معناه حيوانٌ ناطق حينئذٍ زيد، وعمرو، وخالد هذه أفراد، المعنى الذي هو الحيوانية الناطقية استوت الأفراد فيها لا يزيد عمروٌ عن خالد في هذا المعنى وإنما المعنى متحد، هذا يسمى ماذا؟ يسمى: متواطئًا، والتواطؤ هو: التوافق، فهذه الأفراد توافقت وتواطئت في أصل المعنى الذي دلَّ عليه لفظ إنسان، وما هو الاستواء في الحيوانية والناطقية فليس هذا أكثر من هذا المعني من الثاني، وإنما كلهم الأفراد كلها مستوية في ذلك. إذًا فإن كان مستويًا في أفراده فالنسبة بينهم وبين أفراده: تواطؤٌ. كالإنسان فإن معناه لا يختلف في أفراده، ويسمى ذلك المعنى: متواطئًا لتواطئ أفراده أيْ توافقها فيه، فإن أفراد الإنسان كلها متوافقة في معناهم الحيوانية والناطقية، وإنما الاختلاف بينهم بعوارض خارجة كالبياض والسواد، والطول والقصر ونحو ذلك، هذه الصفات لا تعتبر داخلة في مفهوم الإنسان الطول والقصر ليست داخلة في ماهية الإنسان، وإنما هو يقصد عارضٍ خارج عنه، والذي يعتبر جزء الماهية وحقيقة الإنسان هو الحيوان الناطق هذه الأفراد كلها مستوية فيها، هذا يسمى ماذا المعنى يسمى: متواطئًا، وكذلك اللفظ يسمى: متواطئًا، وهذا إنسان، وهذا إنسان، وهذا إنسان اللفظ متوافق، تقول: زيدٌ إنسان، وعمروٌ إنسان، وخالدٌ إنسان هذا نقول ماذا؟ متواطئ من حيث اللفظ، ومن حيث المعنى كذلك: متواطئ، فما دلَّ عليه إنسان عند زيد هو الذي دلَّ عليه لفظ إنسان عند عمروٍ، ولذلك قال: (تَوَاطُؤٌ)، أيْ: توافقٌ، (تَشَاكُكٌ)، أيْ: وتشاكك، على حذف حرف العطف فإن كان معناه مختلفًا قلنا: في الأول التواطؤ إن كان معنى الكلِّ واحدًا وهو مستوٍ في أفراده، إن اختلف في أفراده هو الذي يسمى: (تَشَاكُكٌ) كالبياض مثلاً، البياض هذا يختلف هذا أبيض، وهذا أبيض، وهذا أبيض لكن هذا البياض شديد قوي جدًا وهذا ضعيف إلى آخره. إذًا النسبة ليست واحدة، ليست كالحيوانية الناطقية هنا، وإنما هنا حصل تفاوت في القوة والضعف، هذا يسمى: (تَشَاكُكٌ)، فإن كان معناه مختلفًا في أفراده قوةً وضعفًا كالنورِ فإن معناه في الشمس أقوى منه في القمر، النور هو النور لكنه يختلف قوةً وضعفًا، حينئذٍ نقول هذا: مشكك، وكالبياض فإن معناه في العادة أطول منه في الثوب فالنسبة بينه وبين أفراده: (تَشَاكُكٌ) ويقال بالمعنى: مشكك كما أنه يقال للفظ: مشكك، لماذا سمي مشككًا؟ لأن الناظر إذا نظر في الأفراد باعتبار أصل المعنى ظن أنه متواطئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>