للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النور له أصل قبل أن يكون قويًا وضعيفًا، لو نظرت للأفراد في النور قلت هذه متواطئة مثل الإنسان، وإذا نظرت إلى القوة والضعف كأنك ظننت أنها متباينة فشكك هل هذا المعنى متحد في أفراده المتواطئة؟ أم أنه متباين؟ إذا نظرت إلى القوة والضعف ذهب ذهنك إلى التباين لأنها مختلفة، وإن نظرت إلى أصل النور وأصل البياض قلت هذه متواطئة وحصل تردد لأن الناظر إذا نظر في الأفراد باعتبار أصل المعنى ظنه متواطئًا، وإذا نظر باعتبار التفاوت ظنه مشتركًا فحصل له التشكك ليس تباينًا إنما هو مشترك لذلك قال هنا: (تَشَاكُكٌ)، يعني: وتشاكك (وَتَخَالُفُ)، يعني: تباين هذا النوع الثالث. لكن النظر هنا ليس بين المعنى واللفظ، وإنما هنا النظر بين معنى الفظ وبين معنى لفظٍ آخر ليس في اللفظ نفسه التواطؤ، والتشاكك الحكم فيه بين اللفظ والمعنى في أفراده، لا نقول هي لفظٍ آخر، وأمَّا التباين فلا، وإنما يكون بين معنى لفظٍ ومعنى لفظٍ آخر، فإن لم يصدق أحدهما على شيءٍ من ما صدق عليه الآخر فالنسبة بينهما تخالف وهكذا كالإنسان، والفرس ما العلاقة بينهما تباين. كلُّ لفظين لا يصدق أحدهما على ما صدق عليه الآخر يُسمى تباينًا، هذا ماء، وهذا خشب، الخشب لا يصدق على ما يصدق عليه الماء، والماء لا [يصدق على ما يصدق عليه الخشب]. إذًا نقول هذا تباين، كل من اشترك بينهم في أصل المعنى وليس بينهما معنًى مشرك حينئذٍ نقول: هذا تباين. (تَخَالُفُ وَالِاشْتِرَاكُ) الاشتراك اللفظ المفرد إن تعدد معناه كعين للباصرة لفظ عين هذا مشترك لفظي والجارية فالنسبة بينه وبين ما له من المعاني الاشتراك لاشتراك المعنيين في اللفظ الواحد، لفظ عين عَين عا هي نا حينئذٍ، نقول: هذا اللفظ لفظ واحد وله معانٍ متعددة لكن هذه المعاني متباينة فلفظ عين يصدق على الذهب وعلى الفضة وعلى العين الباصرة، وعلى الجاسوس، وعلى ثلاثين معنى عدها صاحب القاموس، حينئذٍ نقول: الذهب والفضة متباينة، والعين الباصرة والعين الجاسوسة هذا متباينة، إذًا: اللفظ واحد والمعنى متعدد فاتحدا في اللفظ واختلفا في ماذا؟ في الوضع وفي المعنى، يعني: وُضِع لفظ عين بالذهب، ثم وُضِع مرةً أخرى وضعًا ثانيًا للعين الجاسوسة، ثم وضع وضعًا ثالثًا تعدد اللفظ ليس كالجنس هناك الكُلِّي، قلنا الكُلِّي: مشترك معنوي، بمعنى: أنَّ الوضع متحد وكذلك المعنى وماذا؟ اللفظ والوضع والمعني، هذه الثلاثة كلّها متحدة. وهنا في باب الاشتراك اللفظي الوضع متعدد والمعنى متعدد، ولكن وقع الاشتراك في ماذا؟ في اللفظ، يعني: لفظ عين من حيث الحروف هو الذي اشترك وأمَّا من حيث المعنى فلا وكذلك من حيث الوضع، (وَالاشْتِرَاكُ عَكْسُهُ التَّرَادُفُ)، يعني: خلافه الترادف. وهو: إن تعدَّد اللفظ واتحد المعنى، مثل: إنسان، وبشر هذا اللفظ متعدد لكن المعنى متحد، يعني: ما صدق عليه لفظ إنسان هو ما صدق عليه لفظ بشر تقول: هذا بشر، وهذا إنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>