للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا: المصدق واحد، واللفظ مختلف، ليث، أسد، قسورة، نقول: هذه كلها ألفاظ متعددة والذي يصدق عليه واحدٌ، إن تعدد اللفظ واتحد المعنى كالإنسان والبشر فالنسبة بين اللفظين الترادف لترادف اللفظين على المعنى الواحد، إذًا: هذه خمسة أقسام، باعتبار اللفظ والمعنى نفسه، أو باعتبار معنى لفظ مع معنى لفظٍ آخر، أو باعتبار لفظٍ مع لفظٍ آخر، ثم قال: (وَاللَّفْظُ)، يعني: المستعمل

وَاللَّفْظُ إِمَّا طَلَبٌ أَوْ خَبَرُ ... وَأَوَّلٌ ثَلاثَةٌ سَتُذْكَرُ

أَمْرٌ مَعَ اسْتِعْلاَ وَعَكْسُهُ دُعَا ... وَفِي التَّسَاوِي فَالْتِمَاسٌ وَقَعَا

واللفظ المستعمل ينقسم إلى قسمين: إمَّا طلب، أو خبر، والمشهور: إنشاءٌ، وخبر.

محتملٌ للصدق والكذب الخبر ... وغيره الإنشاء ولا ثالث قر

يعني: استقر عند البيانيين قاطبة باتفاق البيانيين، وعند الحذاق من النحاة كان القسمة ثنائية، ينقسم الكلام إلى خبر وإلى إنشاء، ما هو الخبر؟ ما احتمل الصدق والكذب لذاته، يعني: كل لفظٍ مركب احتمل أن يقال لقائله صدقت أو كذب فهو خبر، قام زيدٌ هذا يحتمل أنه صدق فيقال له: صدقت، ويحتمل أنه كذب فيقال له: كذبت، بخلاف: ليس لي مالاً فأتصدق به، أو قم يا زيد، قم هذا طلب فعل أمر لا يقال له: صدقت، وإنما يجاب بالامتثال، (وَاللَّفْظُ إِمَّا طَلَبٌ)، والطلب نوعان: طلب فعلٍ كقم، وطلب تركٍ كلا تقم، يعني: النهي والأمر. الطلب دخل فيه النهي والأمر. (أَوْ خَبَرُ) وهو ما احتمل الصدق والكذب لذاته وسيأتي النص عليه في باب القضايا (وَأَوَّلٌ) الذي هو الطلب (ثَلاثَةٌ)، (وَأَوَّلٌ) هذا مبتدأ وسوغ الابتداء به لكونه في مقام التفصيل، (وَأَوَّلٌ ثَلاثَةٌ سَتُذْكَرُ)، يعني: في البيت الآتي، والتقسيم هنا لطلب الفعل فقط، قلنا الطلب نوعان: طلب فعل، وطلب تركٍ. طلب الفعل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أمر، ودعاء، والتماس. ثلاثة أقسام، وهذه الأقسام الثلاثة ليس عليها رائحة دليل في لسان العرب وإنما هي مجرد اصطلاح، ففعل الأمر أو الدالَّ على طلب الفعل سواءٌ كان من أدنى لأعلى، أو من أعلى لأدنى، أو من مساوٍ لمساوٍ فهو فعل أمر، وإنما هذا اصطلاح عند البيانيين وعند المناطقة وليس عليه رائحة دليل من لسان العرب إنما هو مجرد اصطلاح. (وَأَوَّلٌ ثَلاثَةٌ سَتُذْكَرُ)، إذًا تقسيم لطلب الفعل فقط، (أَمْرٌ مَعَ اسْتِعْلاَ) (أَمْرٌ) وهو ما دلَّ على طلب الفعل بذاته حالة كونه (مَعَ اسْتِعْلاَ) وهذا كما سبق في: ((شرح الورقات)) هناك أنَّ بعضهم اشترط أن يكون الطلب أن لايسمى أمر وأمرًا إلا إذا كان على جهة الاستعلاء أو على جهة العلو، والحذاق من الأصوليين أنه لا يشترط في الأمر علوٌ ولا استعلاء، والفرق بين العلوّ أن يكون الآمر أعلى مرتبة كالملك مع أحدِ من الرعية، أو الأب مع أبناءه أعلى مرتبة من المأمور، والاستعلاء أن لا يكون صفةً في الآمر وإنما يكون صفة في اللفظ أن يكون بقوة وقهر: قم، حينئذٍ نقول: هذا فيه جبروت وفيه نوعٌ من الغلظة هذا يسمى استعلاء، وأمَّا العلوّ هذا وصفٌ للآمر، والاستعلاء وصفٌ للأمر باللفظ نفسه، والصحيح أنه لا يشترط فيه علوّ ولا استعلاء.

وليس عند جلِّ الأذكياء ... شرط العلو فيه واستعلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>