صدر منه وإن كان مخطئا كسائر من بغى على علي كرم الله وجهه. والحكايات الدالة على أنه إنما وافق معاوية للدنيا لا للدين مما نقلها المؤرخون في كتبهم من غير سند لها لا يعول عليها، وحال المؤرخين في النقل معلومة فلا ينبغي الاغترار بنقلهم إلا إذا وجدت فيه شروط القبول. ومما لا يعول عليه من ذلك ما نقله ابن الوردي أن عمرا انحرف يوما عن معاوية فاستعتبه معاوية فأنشده:
معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل ... به منك دنيا فانظرن كيف تصنع
فإن تعطني مصرا وتربح صفقتي ... شريت بها شخصا يضر وينفع
فولاه مصر وجهزه إليها لذلك. والثابت عند أهل الأخبار أنه ولي مصر وسار إليها بعد ما كان من أمر الحكمين وحكم فيها من صفر سنة ثمان وثلاثين إلى أن مات. وأما أنه أنشد ما أنشد فغير ثابت. ومما ينتظم في هذا السلك بعض الأخبار المشعرة بذمه وذم اجتماعه مع معاوية؛ وهو ما روي أن شداد بن أوس دخل على معاوية وعمرو معه على فراشه فجلس بينهما وقال: أتدرون ما أجلسني بينكما إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا رأيتموهما جميعا ففرقوا بينهما فوالله ما