ولما اجتمع فيه من الصفات ما لم يجتمع في غيره كان هو الخليفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلا فصل ولكن من طريق الباطن الذي يدور على الإرشاد وتربية المريدين وتصفية بواطنهم وغير ذلك مما تقتضيه الولاية، وأما أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - فهو خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا بلا فصل أيضا ولكن من طريق الظاهر الذي يدور عليه سد الثغور وتجهيز الجيوش وتنفيذ الأحكام وحفظ بيضة الإسلام ونحو ذلك.
ومن هنا كان معظم سلاسل السادة الصوفية قدست أسرارهم منتهية إلى علي كرم الله وجهه دون غيره من الصحابة الكرام - رضي الله تعالى عنهم - انتهى. وأنت تعلم أن دعوى خلافتين ظاهرية وباطنية غير مسلمة عند أهل الظاهر وإثباتها عليهم صعب جدا فتأمل. واعلم أيضا أن المشهور أيضا من مذهب الجماعة أنه -وهو الحق- لا يبلغ أحد من الأمة إلى يوم القيامة درجة واحد من الصحابة - رضي الله عنهم - في الفضل ولو فعل ما فعل من الطاعات. ويشهد له ظواهر كثير من الآي والأخبار. وعلى هذا جاء ما نقل عن الإمام الجليل عبد الله بن المبارك ـ عليه الرحمة ـ أنه سئل فقيل له: يا أبا عبد الرحمن أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: "والله إن الغبار الذي دخل في أنف فرس معاوية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من عمر بألف مرة، صلى معاوية خلف