الإساءات والأحقاد، وما جناه الآباء والأجداد، فقد كفى ما فُعل ذلك على أيدي المثيرين، وأجلُّكم من أن لا تهتدوا لوسائل الاتِّحاد وأنتم المهتدون السابقون. فهذه أمم أوستريا وأمريكا قد هداها العلم لطرائق شتّى وأصول راسخة للاتِّحاد الوطني دون الديني، والوفاق الجنسي دون المذهبي، والارتباط السياسي دون الإداري. فما بالنا نحن لا نفتكر في أن نتبع إحدى تلك الطرائق أو شبهها. فيقول عقلاؤنا لمثيري الشَّحناء من الأعاجم والأجانب: دعونا يا هؤلاء نحن ندبِّر شأننا، نتفاهم بالفصحاء، ونتراحم بالإخاء، ونتواسى في الضرّاء، ونتساوى في السَّراء.
دعونا ندبِّر حياتنا الدنيا، ونجعل الأديان تحكم في الأخرى فقط. دعونا نجتمع على كلماتٍ سواء، ألا وهي: فلتحي الأمة، فليحي الوطن، فلنحي طلقاء أعزّاء".
"أدعوكم وأخصُّ منكم النُّجباء للتبصُّر والتبصير فيما آل إليه المصير، أليس مطلق العربي أخفّ استحقاراً لأخيه الغربي؟ هذا الغربي قد أصبح مادّياً لا دين له غير الكسب، فما تظاهرُه مع بعضنا بالإخاء الديني إلا مخادعةً وكَذِباً. هؤلاء الفرنسيس يطاردون أهل الدين، ويعملون على أنَّهم يتناسونه، بناءً عليه؛ لا تكون دعواهم الدِّين في الشَّرق، إلا كما يغرِّد الصّياد وراء الأشباك!
لو كان للدين تأثير عند الغربي لما كانت البغضاء بين اللاتين والسكسون، بل بين الطليان والفرنسيس، ولما كانت بين الألمان والفرنسيين الغربيين.
الغربي أرقى من الشرقي علماً وثروة ومنعة، فله على الشرقيين إذا واطنهم