السيادة الطبيعية. أما الشرقيون فيما بينهم، فمتقاربون لا يتغابنون.
الغربي يعرف كيف يسوس، وكيف يتمتَّع، وكيف يأسر، وكيف يستأثر. فمتى رأى فيكم استعداداً واندفاعاً لمجاراته أو سبقه، ضغط على عقولكم لتبقوا وراءه شوطاً كبيراً كما يفعل الروس مع البولونيين، واليهود والتتار، وكذلك شأن كلِّ المستعمرين. الغربي مهما مكث في الشرق لا يخرج عن أنَّه تاجر مستمتع، فيأخذ فسائل الشرق ليغرسها في بلده التي لا يفتأ يفتخر برياضها ويحنُّ إلى أرباضها.
قد مضى على الهولانديين في الهند وجزائرها، وعلى الروس في قاوزان، مثل ما أقمنا في الأندلس، ولكنْ؛ ما خدموا العلم والعمران بعشر ما خدمناها، ودخل الفرنساويون الجزائر منذ سبعين عاماً، ولم يسمحوا بعد لأهلها بجريدةٍ واحدة تُقرَأ. نرى الإنكليزي في بلادنا يُفضِّل قديد بلاده، وسمك بحاره، على طريِّ لحمنا وسمكنا. فهلا والحالة هذه تبصرون يا أولي الألباب؟ ".
"وأنت أيها الشرق الفخيم رعاك الله. ماذا دهاك؟ ماذا أقعدك عن مسراك؟ أليست أرضك تلك الأرض ذات الجنان والأقنان، ومنبت العلم والعرفان، وسماؤك تلك السماء مصدر الأنوار، ومهبط الحكمة والأديان، وهواؤك ذاك النسيم العدل، لا العواصف والضباب. وماؤك ذاك العذب الغدق، لا الكدر ولا الأجاج؟ ".