للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الباطل والفاسد عند الأحناف في العبادات سيان وفي المعاملات مختلفان، هكذا قاعدة الأحناف، في العبادات سيان يعني مترادفان كالجمهور، وفي المعاملات مختلفان، الباطل ما مُنع بأصله ووصفه، والفاسد هو الذي ذكره هنا ما شُرع بأصله ومُنع بوصفه، بيع الخنزير بالدم، الثمن والمثمن منهي عنه لذاته في البيع فحينئذ نقول هذا باطل، العقد باطل لماذا؟ لأنه مُنِعَ بأصله ووصفه، أما بيع الدرهم بدرهمين الأصل جواز بيع الدرهم بالدرهم بشرطه، فإذا باع درهما بدرهمين حُرِّمَ لا لكون عدم جواز بيع الدرهم بالدرهم (المال بالمال) وإنما للتفاضل الذي وقع في هذا العقد، فهذا شُرعَ بأصله وهو بيع الدرهم بالدرهم إلا أنه لما كان الثمن أكبر من المبيع وقع الربا، وهذا سيأتينا بحثه، فسماه أبو حنيفة فاسدا لأنه شُرع بأصله ومُنعَ بوصفه، ثم قال: (وعندنا) وعند الشافعية (وعندنا) يعني معاشر الحنابلة (وعندنا وعند الشافعية أنه من القسم الأول) وهو أنه منهي لذاته، (وعندنا وعند الشافعية أنه من القسم الأول) يعني النهي لذاته، فحينئذ يكون باطلا، فإذا صلى في الأوقات الخمسة، ما حكم الصلاة؟ باطلة، هكذا إذا صلى في الأوقات الخمسة الصلاة باطلة عند الفقهاء، إذا صلى في أوقات النهي ما حكم الصلاة؟ لم تنعقد، إذا صلى (إذا) شرطية، و (صلى) هذا فعل ماضٍ، كل صلاة في أوقات النهي فهي باطلة؟ كيف تقول باطلة؟ قضاء الفوائت (الفرائض الفائتة) بالإجماع أنها صحيحة وجائزة وليست بباطلة في أوقات النهي، إذن ما يعمم الحكم وإنما تقول ما ليس بقضاء فريضة، أما قضاء الفريضة فهو جائز باتفاق، ما لم يكن كذلك ولم يكن من ذوات الأسباب فالجمهور على البطلان، وما كان من ذوات الأسباب فهذا فيه خلاف بين الشافعية وغيرهم، والجمهور أيضا على البطلان، ولذلك المذهب لا تصح، سواء كان من ذوات الأسباب أو من غيرها وهذا هو الأصح، أن التنفل مطلقا في أوقات النهي محرم على الصحيح وليس بمكروه والصلاة باطلة، إذن أرجعناه إلى الأول وهو كون النهي هنا عائدا إلى الذات (ذات المنهي عنه) وليس عائدا إلى وصفه لأن المنهي عنه الصلاة نفسها بوصف السكر [لا تقربوا الصلاة] حينئذ الصلاة نفسها منهي عنها لأن الصلاة هذه القول بالامتثال في مثل هذه لا يمكن، متعذر، لأن الرجل الآن قائم يصلي، أنت لا تتحدث عن سكر دون صلاة ولا عن صلاة دون سكر، تنبه لهذا!! أنت لا تحكم الآن على صلاة دون سكر ولا سكر دون صلاة، وإنما رجل أمامك الآن يصلي وهو سكران، ما حكم الصلاة؟ نقول الصلاة هذه منهي عنها، نفسها منهي عنها، لماذا؟ لقوله تعالى: [لا تقربوا الصلاة] والنهي يقتضي الفساد مطلقا، أيضا فوات شرط التقرب وهو النية، هل يمكن أن ينوي السكران؟ إيش ينوي؟ ظهرا أو عصرا؟ ما ينوي، فحينئذ لانتفاء النية لا يمكن أن يتصور، لذلك فهو غير مكلف إذا كان قد أخذ في السكر، غير مكلف، إذن غير مخاطب بالصلاة، لو صلى حكمنا على صلاته بأنها باطلة، للنهي ولانتفاء القصد، ما هو المنهي عنه هنا؟ هل هو السُّكر لكونه في الصلاة؟ أو الصلاة التي أُدِّيَتْ بسُكر؟ الثاني، المنهي عنه الصلاة نفسها التي وُصفَتْ بالسُّكر، لا النهي راجعا إلى السُّكر ابتداءً، لا، السُّكر

<<  <  ج: ص:  >  >>