فاجتنبوه " ما وجه الاستدلال؟ ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه يريد أن يستنبط من هذا الدليل يا فقهاء على ثبوت استصحاب العدم وأن ما لم يأمر به وما لم ينهى عنه ما حكمه؟ ليس له حكم بل باقياً على الأصل العدم، ما أمرتكم به فأتوا منه وما نهيتكم إذاً بعض الأفعال أو بعض ألأقوال أو بعض ألأشياء لم يأمر ولا ينهى فحينئذ يكون حكمها ألا حكم لها وإنما يستصحب فيها العدم الأصلي وهو الإباحة، فـ (الكتاب): كلام الله عز وجل وهو القرآن المتلو بالألسنة يُذكر الكتاب وهو الدليل الأول وهو الأصل الأول والدليل على أنه أصل قوله تعالى {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} الأنعام١٥٥، هذا أمر باتباع الكتاب حينئذ جُعل الكتاب أصل لكل الأدلة وهذا أمر مُجمَع عليه فالكتاب كلام الله - عز وجل - يذكر الأصوليون كثير من المسائل التي تكون في غير فن الأصول يعني يذكرون في الكتاب حده تعريفه ثم تختلفون فيه هل هو المعنى النفسي أو المعنى اللفظي على ما يذكره أرباب البدع وثم يُذكَر فيه الحقيقة والمجاز ويُذكر فيه المُعَرب وغيره ثم يكون الحروف المتعلقة بالكتاب وكذلك السنة وهذه كلها أبحاث الأصل أنها ما تُبحَث في أصول الفقه طالب العلم إذا أراد أن يستفيد من هذه المباحث لا يأخذها من الأصوليين وإنما يأخذ كل فن من أربابه وأصحابه فيدرس المجاز والحقيقة مثلاً في كتب البيانيين ثم يتعرب الكثير من أرباب علوم القرآن مثل البحث المعرب وغيره والمجاز وموجود وغير موجود كذلك الحروف يعني توسع فيها النُحاة كابن هشام تُدرَس الحروف وتُمر على كتب الأصول ليُعلَم هل من زيادة على ما ذكره أرباب الفنون أو لا فقط وإلى تحقيق المسائل وإثبات المسائل وشرحها وكذا تذكر باختصار في مثل هذه المواد ولذلك كل كتاب في أصول الفقه الكلمة والكلام والصوت واللون وتعرب وتقسم الكلمة والجملة الفعلية وهل بينهما علاقة أو لا إلى آخره نقول هذه تُأخذ من مظانها سنمر على هذه المباحث باختصار جداً هذه فقط ومن أراد فليرجع إلى نفس الكتاب، فالكتاب هذا فِعال مفعول لأنه مشتق من الكَتْبِ والكتب المراد به الجمع والضم قالوا تَكَتَبوا بنو فلان إذا اجتمعوا وسمي الكتاب كتاباً لاجتماع الحروف والكلمات بعضها إلى بعض والمراد بالكتاب هنا القرآن وهذا بإجماع العلماء ويسمى القرآن كتاباً كما في قله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} الكهف١، هنا سماه كتابا ولكن كثير من الشُراح يذكرون في مثل هذا الموضوع يقول الكتاب اسم جنس صار علماً بالغلبة على القرآن ولا أدري ما وجهه لماذا؟ لأنه إذا نص الرب على أنه الكتاب حينئذ صار من أسماء القرى، الكتاب فحينئذ لا نقول صار علماً بالغلبة لماذا؟ لأن صيرورة الشيء علماً بالغلبة عند أهل اللغة ليس من صنع الفاعل نفسه يعني العبادلة أربعة هل هم اتفقوا وقالوا نحن العبادلة أم من صنع غيرهم حينئذ لو قيل الكتاب لم يسمه الرب جل وعلا كتاب ثم جُعِل علما بالغلبة صار الاسم هذا ليس من عند الرب - سبحانه وتعالى - وإنما من صنع العلماء هم الذين أطلقوا الكتاب صار علماً