لا يضرُّون ولا ينفعون، وأنتم تعترفون بذلك، إلَّا أنَّكم تقولون: إنَّهم يشفعون لكم، فاعلموا أنَّ شفاعتهم لا تغني شيئًا ما لم يأذن الله ويرضى، وكيف يأذن لهم ويرضى في الشفاعة لكم وأنتم تشركون به؟!
ثم قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى} فكاد ينصُّ نصًّا قاطعًا على أنَّ (اللَّات) و (العُزَّى) و (مناة) جعلها المشركون أسماء للملائكة، مع زعم أنَّهم بنات الله. وأنت إذا سمعت من يقول:(إنَّ فلانًا يسمِّي الأمراء أسماء الإناث) لم تفهم منه إلَّا أنَّه يسمِّي أحدهم: (هالة)، وآخر (سُعدى)، والثالث (جُمانة)، ونحو ذلك.
فالعرب كغيرهم من الأمم إنَّما اتَّخذوا الأصنام تماثيل أو تذاكير للملائكة، مع زعمهم أنَّهم إناثٌ هنَّ بنات الله، وعظَّموها على نيَّة التَّعظيم لمن جُعِلت تمثالًا أو تذكارًا له، وطمعوا أنَّ تعظيمهم لها يقرِّبهم من الملائكة، فيشفعوا لهم، كما جرت العادة أنَّك إذا رأيت صورة إنسان فاحترمتها فبلغه ذلك شكره لك. وكذلك إذا خَصَصْت شيئًا على أنَّه تذكار له، ثم احترمته.
٧ ــ ما الذي كانوا يرجونه من الملائكة؟
قد تقدَّم الكلام على توحيدهم، وعلى تحاشيهم أن يقولوا: لله ولد ذكر؛ كيلا يلزمهم الإشراك في الملك والتدبير.
وعرفتَ من ذلك أنَّهم لا يثبتون للملائكة شيئًا من التصرُّف، وهذا بخلاف أكثر الأمم التي عَبَدَت الملائكة، كاليونان والمصريين القدماء، فإنَّهم يثبتون التصرُّف للملائكة، حتى يذكروا في أساطيرهم أنَّ الآلهة تتحارب وتتغالب!