للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بذلك اليوم الشديد .. فتدبر .. واتعظ .. ولا تكن من الغافلين ..

نُودي بصَوْت أيَّما صَوْتِ ... ما أقرب الحيِّ من المَوْتِ

كأنَّ أهل الغَيِّ في غيِّهم ... قد أخذُوا أمْنًا من المَوْتِ

كم مُصْبِحٍ يعْمُرُ بيتًا له ... لم يُمسِ إلاًَّ خاربُ البَيْتِ

ولتعلم أيها العاقل؛ أن الغفلة سبب في سوء الخاتمة .. أعاذني الله وإياك من سوء الخواتم ..

كان ملك الموت في القديم؛ يأتي على صورة رجل؛ فيقبض الأرواح ..

فهذا واحد من الغافلين .. جمع من المال أصنافًا، وابتنى قصرًا وجعل عليه بابين وثيقين، وجمع عليه حرسًا من غلمانه، ثم جمع أهله، وصنع لهم طعامًا، وقعد على سريره، ورفع إحدى رجليه على الأخرى، وهم يأكلون، فلما فرغوا قال: يا نفس انعمي لسنين، قد جمعت لك ما يكفيك!

فلم يفرغ من كلامه؛ حتى أقبل على قصره رجل رث الثياب، في عنقه مخلاة، فقرع باب القصر قرعًا شديدًا! ففزع الغني، وهو على فراشه. فوثب الحرس والغلمان إلى الرجل. وقالوا له: ما شأنك؟ ! فقال: ادعوا إليَّ مولاكم! فقالوا: وإلى مثلك يخرج مولانا؟ ! فقال: نعم فأخبروه بذلك! فقال الغني: هلاَّ فعلتم به وفعلتم؟ !

فقرع الرجل الباب قرعة أشد من المرَّة الأولي! فوثب إليه الحرس! فقال: أخبروه أني ملك الموت! !

فلما سمعوه، أُلقي عليهم الرُّعب، ووقع على مولاهم الذل والتخشُّع!

<<  <   >  >>