للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
ص:  >  >>

التعريف بنبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم (١):

فإذا تبين لك، يا رعاك الله، أن الله تعالى يختص بفضله من يشاء من عباده، ليكرمهم، ويشرفهم بفهم معاني آيات القرآن، ويجعل منهم أئمة، يهدون للهدى، يكشف عن قلوبهم ظلمات الجهل المُدْلَهمَّة، ويطهرها من أدناسِ الرَّيْنِ وأجناسِ الرَّيْبِ، ويملؤها إيماناً وحِكْمَة، ويخصهم بالقِسْمِ الأسْنى، والشَّرَفِ الأَبْهى، والقدح الأعلى، وأن الناس يتفاوتون في هذا الفضل، فيرفع الله منهم أقواما لأعلى الدرجات، ويجعل منهم أحبارا، حتى يكون واحدهم ترجمانا للقرآن (٢)، فيفتح الله عليه من حقائق العلوم، وخَوارق الفُهوم، ما لا رقت إليه من سواه هِمَّةٌ، ولا تحركت نحوه من غيره عَزْمَةٌ، ولا شك أنه ما بلغ هذه المنزلة إلا بفضل الله، لعلو همته، ورفعة مكانته عند الله تعالى حتى اختصه بهذا الفضل، فيكون ترجمانا لكلام الله،


(١) فصل من كتاب تفسير كتاب الله تعالى المسمى: البيان والتبيان في تفسير كتاب الرؤوف الرحمن، لأبي مالك، ثائر سلامة، غفر الله له ولوالديه، ولزوجه ولذريته ولمن له حق عليه، وللمسلمين والمسلمات، بفضل رحمة الله تعالى وتفضله وواسع كرمه.
(٢) وقد كانت الصحابة رضي الله عنهم علماء كل منهم مخصوص بنوع من العلم كعلي رضي الله عنه بالقضاء وزيد بالفرائض ومعاذ بالحلال والحرام وأُبي بالقراءة فلم يُسَمَّ أحدٌ منهم بحراً إلا عبد الله بن عباس لاختصاصه دونهم بالتفسير وعلم التأويل، وقال فيه علي بن أبي طالب: كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق. وقال فيه عبد الله بن مسعود: نِعْمَ تُرجمان القرآن عبد الله بن عباس، وقد مات ابن مسعود في سنة ثنتين وثلاثين، وعمّر بعده ابن عباس ستاً وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود نعم كان لعلي فيه اليد السابقة قبل ابن عباس وقال ابن عطية: فأما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب ويتلوه ابن عباس.

 >  >>