للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولكن، ما حال من اختصه الله بفضل أن يُنَزِّلَ عليه هذا الكلام، -كلام الله-، فيكون هُوَ هُوَ من يُبَيِّنُ للناس ما نُزِّلَ إليهم، ويبعثه الله شَهِيدًا عَليهم، أعظم الناس شرفا ومقدارا، على يديه قامت الحجة، وترك الناس على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يتنكبها إلا ضال، لا شك أنه سيد ولد بني آدم جميعا، وأعلاهم منزلة، فلا بد من أن نقدم بمقدمة نعرف بها القارئ بنبي الرحمة صلوات ربي وسلامه عليه، وأن نصفه له كأنما يراه، وسنرجؤ وصف أخلاقه، وجميل فعاله، ورجاحة عقله، وصفاته القيادية، وهديه، وعدله، وعلاقاته، وسلمه وحربه، وصبره، وحكمته، لموضعه من التفسير، وسنقتصر الآن على أن نقول إنه:

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، رسول الله، ونبيه،

صاحبُ الجَمَالِ المُسَرْبَلِ بالجَلالِ، المَكْسُوِّ بجَمِيلِ الخِصَالِ وحَمِيدِ الخِلالِ، ظَاهِرُ الوَضَاءَةِ، أَبْلَجُ (١)، مَلِيحُ الوَجْهِ مُشْرِقُهُ، أَبْيَضُ اللَّوْنِ أَزْهَرُهُ (٢)،


(١) البُلوجُ: الإشراق. تقول: بَلَجَ الصبحُ يَبْلُجُ بالضم، أي أضاء. وانْبَلَجَ وتَبَلَّجَ مثله. وتبلَّج فلانٌ، إذا ضحك وهشَّ.
(٢) وفي رواية: مُشْرَبَاً حُمْرَةً، وليسَ بِالْأبْيَضِ الأَمْهَقِ، ولا بِالْآدَمِ، ومعنى: وليس بالأبيض الأمهق: أي ليس بالذي بياضه خالص لا يشوبه حمرة ولا غيرها كلون الثلج واللبن. فالمراد أنه كان نيِّر البياض أزهر. وقد جاء في رواية: أنه «كان بياضه مشوباً بالحمرة». وهو أحسن أنواع الألوان المستحسنة عند الطباع الموزونة، وهذا معنى قوله: (ولا بالآدم) أي الشديد السمرة، وقد كان عيسى عليه سلام الله آدم، أي شديد السمرة.

<<  <   >  >>