فاختر لنفسك – أيها المسكين – أنس الطاعات .. ثم أنس بالله تعالى .. أو وحشة الذنوب .. وبعد القلب عن الله تعالى!
فأيهما تختار لنفسك أيها العاقل؟ !
قال إبراهيم بن أدهم:«أعلى الدرجات أن تنقطع إلى ربك، وتستأنس إليه بقلبك، وعقلك، وجميع جوارحك، حتى لا ترجو إلا ربك، ولا تخاف إلا ذنبك، وترسخ محبته في قلبك، حتى لا تؤثر عليها شيئًا، فإذا كنت كذلك لم تبال في بر كنت أو في بحر، أو في سهل، أو في جبل، وكان شوقك إلى لقاء الحبيب شوق الظمآن إلى الماء البارد، وشوق الجائع إلى الطعام الطيب، ويكون ذكر الله عندك؛ أحلى من العسل، وأحلى من الماء العذب الصافي عند العطشان في اليوم الصائف»!
وقيل لمالك بن مغول، وهو جالس في بيته وحده: ألا تستوحش؟ ! قال:«أو يستوحش مع الله أحد»؟ !
وكان حبيب أبو محمد يخلو في بيته، ويقول:«من لم تقر عينه بك؛ فلا قرت عينه، ومن لم يأنس بك، فلا أنس»!
وقال مسلم بن يسار:«ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة الله عز وجل»!
وقال مسلم بن عابد:«ما يجد المطيعون لله لذة في الدنيا أحلى من الخلوة بمناجاة سيدهم، ولا أحسب لهم في الآخرة من عظيم الثواب أكبر في صدورهم، وألذ في قلوبهم من النظر إليه»! ثم غشي عليه ..