عدت إلى القرآن ثانية وبحثت فيه عن إجابة لهذه التساؤلات فوجدت أن الأمر واضح تمام الوضوح ... فالله عز وجل يريد منا عدم الشرك به ... يريد أن نخلص أعمالنا كلها له، فلا نتعلق بغيره، ولا نعتقد أن هناك من يملك نفعنا أو ضرنا سواه ...
يريد منا أن نطيعه ولا نعصيه .. أن نصلي الصلاة على وقتها ... أن ترتدي نساؤنا الزي السابغ الساتر الذي لا يصف ولا يشف.
يريد منا أن نغض أبصارنا عما لا يحل لنا ... يريد منا أن نكف عن سماع الأغاني الخليعة والموسيقى الماجنة ... يريد منا ألا يخلو الرجال بالنساء ...
يريد منا أن تكون عزتنا به وحده .. لا بمناصبنا أو نسبنا أو أموالنا، أو ...
ويريد منا أن نحبه ونحب رسوله أكثر مما نحب أهلنا وأبناءنا وأموالنا وعقاراتنا.
. يريد منا أن نتحد ولا نتفرق، وأن نتآخي فيه ... وأن نتعامل بالإحسان فيما بيننا.
[فإن لن نفعل؟]
فإن ظلت المساجد خالية، ودور السينما مزدحمة مكتظة.
فإن ظلت القنوات الإباحية تُشاهد في بيوتنا بما تحمله من مناظر العهر والتفسخ ..
فإن ظلت الخلافات بيننا وظل بعضنا يتهم أخاه بالفسق أو التشدد أو الكفر.
فإن ظلت الفتيات تخرج إلى الشوارع عاريات البطون والنحور ..
إن ظل هذا كله، فانس أي شيء عن تحسن للوضع القائم، وعن الأمل في التغيير، بل عليك انتظار الأسوأ والأسوأ.
إن ظل هذا كله فعلينا أن نستعد للدمار القادم الذي لن يستثني أحداً، فالله عز وجل لا يخلف وعده، ولقد وعد العاصين بالعقوبة، وها هي قد نزلت، ووعدهم بمضاعفة العقوبة إن استمروا في عصيانهم، والوضع القائم يُنبئ بحدوث ذلك، فآلات الذبح تُعد أمامنا، وسيناريوهات احتلالنا وتمزيقنا جاهزة، ومشروع الشرق الأوسط الكبير يجري الإعداد له لتمكين اليهود من مقدراتنا وأراضينا، وما أمر السودان وأزمة دارفور عنا بعيد.
فماذا ننتظر بعد ذلك؟ ماذا ننتظر وقد أغلقت كل أبواب الأرض، ولا يوجد لنا أمل إلا في السماء عند رب الأرض والسماء.
أخي .. لا خيار أمامنا: إما العودة السريعة إلى الله، وإما الدمار ... ثم الدمار.
[إلى متى الغفلة؟!]
سألت نفسي: وما الذي يمنعنا عن فعل ما يرضي الله وبخاصة أن الجميع يعلم بأنه مستهدف، وأن الحرب على الإسلام قد اشتعلت، والنار قد أمسكت بأطراف ثيابنا، ومع ذلك فنحن نتصرف وكأن شيئاً لم يكن.
ألهذا الحد قد بلغت غفلتنا؟
متى ننتبه ونستيقظ؟
ألا توجد وسيلة ننتبه من خلالها ونعود إلى الله ونفعل ما يرضيه قبل وقوع الكوارث القادمة ودخولنا في دائرة الطوفان والذل والعذاب المهين؟
[حب الدنيا]
بحثت في القرآن عن الأسباب التي يمكنها أن تقعد الناس، وتمنعهم عن فعل ما يرضي الله عز وجل، وتجعلهم في حالة من الغفلة والتيه، فوجدتها في قوله تعالى"يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليما ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير" [التوبة:٣٩،٣٨]
فالآيات تُشخص سبب عدم فعل الناس ما يرضي الله ألا وهو الرضا بالدنيا وحبها والتعلق بها، ومن لم يتخلص من ذلك فالعذاب ينتظره ... وهذا هو الحادث معنا، وواقعنا خير شاهد على ذلك.
ومما يؤكد هذا التشخيص قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا تبايعتم بالعِينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد: سلط الله عليكم ذلاً، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" (١)
(١) ١ - صحيح الجامع الصغير (٤٢٣)