للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

ولو لم نقل ذلك لزم الزيغ والضلال والإلحاد في الدين لأن كثيرا من الآيات والأحاديث يعارضها مثلها من الآيات والأحاديث ولا اطلاع لغير المجتهدين على ذلك إلا بالنقل عنهم وبعضها منسوخ وبعضها مخصص وبعضها مجمل وبعضها متشابه إلى غير ذلك من الأقسام وكل ذلك لا يعرفه إلا الأئمة المجتهدون ولا نعرفه نحن إلا بالنقل عنهم. فلذلك كان الأخذ بالظواهر قبل معرفة كلام الأئمة أصل من أصول الكفر. وبعض الآيات والأحاديث تكون عند الأئمة محمولة على معان ظهرت لهم بأدلة وقرائن خفيت علينا فلا يجوز لنا مخالفة أقوالهم فيها.

ولنذكر شيئا من الأمثلة التي تعارضت فيها الأحاديث وأجاب الأئمة عن تعارضها وحملوا كلا منها على معنى صحيح. فمن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "علي سيد العرب" (١) إن أخذ بظاهره وحمل على عمومه فربما يستدل به المخالف على أفضلية علي على أبي بكر رضي الله عنهما أو على استحقاقه الخلافة قبله، مع أن ذلك معارض بالادلة الكثيرة التي هي أصح وأقوى في الدلالة على أفضلية أبي بكر واستحقاقه التقدم في الخلافة. فإنه قد صحت أحاديث كثيرة على أن أبا بكر رضي الله عنه أفضل الخلائق بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأنه أحق بالخلافة وكل ذلك مبسوط في كتب أئمة أهل السنة. فحينئذ لا يجوز حمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "علي سيد العرب" على عمومه لكل شيء حتى يعارض ذلك، فحمله الأئمة على أن هذه السيادة في شيء مخصوص كالنسب مثلا والاتصال بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فجمعوا بين النصوص بهذا الحمل ليندفع التعارض.

ومن ذلك أيضا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «سدوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر» رضي الله عنه قال الأئمة من أهل السنة: إن


(١) قال الذهبي في ميزان الاعتدال: باطل.

<<  <   >  >>