الشريعة ورفضها والطعن على ناقليها من الصحابة وغيرهم. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالسواد الأعظم فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" والسواد الأعظم هم الجماعة الكثيرة وهم أهل السنة والجماعة. فإياك أن تفارقهم فتكون من الهالكين.
[(الاجتهاد والتقليد)]
ثم إن العلماء قسموا المجتهدين إلى مجتهد مطلق ومجتهد مذهب ومجتهد فتوى. فالمجتهد المطلق من كانت له ملكة وأهلية لاستنباط كل مسئلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح كالأئمة الأربعة رضي الله عنهم. ومجتهد المذهب من كانت له ملكة وأهلية للاستنباط من قواعد إمامه فإذا عرضت عليه مسئلة لم ينص عليها إمامه يستنبطها من قواعد مذهبه وربما أنه يقتدر أن يستنبط بعض المسائل من الكتاب والسنة والإجماع والقياس لكن لا يقدر على ذلك في كل مسئلة وذلك كأصحاب الأئمة كأبي يوسف ومحمد صاحبي الإمام أبي حنيفة والمزني والربيع صاحبي الإمام الشافعي. وهكذا أصحاب بقية الأئمة ولو كانوا يقتدرون على استنباط كل مسئلة من الكتاب والسنة أو الإجماع أو القياس لكانوا يجتهدون اجتهادا مطلقا ولا يقلدون أئمتهم، فهذا هو الفرق بينهم وبين المجتهد المطلق. وأما مجتهد الفتوى فهم أصحاب الترجيح للأقوال من أرباب المذاهب وهم من كملوا في العلم والمعرفة ولم يصلوا لرتبة مجتهد المذهب ومجتهدي الفتوى كثيرون كالرافعي والنووي وابن حجر والرملي في مذهب الشافعي. وأما من لم يصل إلى رتبتهم فلا يجوز له الترجيح بل لا يجوز له إلا مجرد النقل عنهم. وكان شيخنا رحمه الله يتعجب ممن يدعون الاجتهاد والأخذ من الكتاب والسنة في هذا العصر ويقول إنما حملهم على ذلك الجهل المركب لأنهم ليس فيهم شيء من شروط مجتهدي الفتوى فضلا عن شروط مجتهدي المذهب فضلا عن شروط المجتهد المطلق،