للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أن يقلد واحدا من الأئمة الأربعة الذين أجمعت الأمة على صحة مذاهبهم وهم الإمام أبو حنيفة النعمان والإمام مالك بن أنس والإمام الشافعي محمد بن إدريس والإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنهم. فهم وأتباعهم هم أهل السنة والجماعة. وكانت المذاهب في زمن التابعين وأتباعهم كثيرة -مثل مذهب الأوزاعي وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وإسحاق بن راهويه وغيرهم- ولكن غير الأربعة اندرست مذاهبهم ولم تعرف الآن قواعد مذاهبهم التي أسسوا عليها كل مسئلة فلذلك امتنع تقليد أحد منهم الآن، بخلاف المذاهب الأربعة فإنها تدونت مذاهبهم وأسست قواعدها وورد عليها أنظار العلماء قرونا كثيرة وانعقد الإجماع على صحتها، ولا تجتمع الأمة على ضلال لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجتمع أمتي على ضلال" واستند الإمام الشافعي لكون الإجماع حجة من قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (١) والمراد من الإجماع الذي يكون حجة وهو إجماع أهل السنة والجماعة. ولا عبرة بغيرهم من المبتدعة والفرق الضالة. فإن أهل السنة والجماعة هي الفرقة الجارية على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الأمة «ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة». وهي التي تكون على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

وإذا نظرت تجد أهل السنة هم الذين قاموا بنصرة الشريعة ودونوها وألفوا الكتب في أيضاحها وبيانها وتحقيقها من كتب التفسير والحديث والفقه والنحو وغير ذلك من العلوم المنقولة والمعقولة أما غيرهم فليس لهم شيء من ذلك وإن وجد لهم شيء من التأليف فعلى سبيل الندرة وملؤا كتبهم بأكاذيب وقبائح تقتضي إبطال


(١) النساء: ١١٥

<<  <   >  >>