وإنما لبس عليهم الشيطان ففارقوا السواد الأعظم وصاروا يتخبطون وربما خرقوا إجماع الأئمة الأربعة في بعض المسائل وإذا أشكل عليهم شيء من الآيات والأحاديث يرجعون إلى كتب التفسير وشروح الحديث ويأخذون بما يقولون ويقلدونهم في ذلك مع أن مؤلفي التفسير وشروح الحديث الذين أخذوا بأقوالهم وقلدوهم كلهم مقلدون فهم ما رضوا بتقليد الأئمة الأربعة وقلدوا بعض أتباعهم وكل ذلك دليل على جهلهم ولو قرؤا كتب العلم لعرفوا قدر أنفسهم فلا حول ولا قوة إلا بالله. فيجب على ولاة الأمر وفقهم الله لكل خير أن يمنعوهم من ذلك التخبط ويأمروهم بالدخول في السواد الأعظم بتقليد أحد الأئمة الأربعة رضي الله عنهم.
وإذا كان بعض أهل السنة من المقلدين لأحد الأئمة الأربعة وقع في قلبه شيء من شبه المبتدعة الطاعنين في الصحابة رضي الله عنهم وأردت مناظرته فالزمه أولا بأن الأئمة الأربعة الذين منهم إمامه كلهم يعتقدون نزاهة الصحابة وترتيبهم في الفضل على حسب ترتيبهم في الخلافة فيجب عليه أن يتبع إمامه الذي قلده. فإن لم ينفع فيه ذلك تقيم عليه الحجة التي أقمتها على المبتدعة من الآيات والأحاديث.
[(صحبة أبي بكر)]
وينبغي أن يتنبه المناظر من أهل السنة لغيره من أهل البدعة لأشياء هي أهم من غيرها فيستحضرها حال المناظرة ليلزم الخصم بها. منها أن إنكار صحبة أبي بكر كفر لأنها مذكورة في القرآن في قوله تعالى:{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}(١) فأجمعت الأمة أن المراد بالصاحب في الآية أبو بكر رضي الله عنه.
[(براءة عائشة)]
وكذا إنكار براءة عائشة رضي الله عنها كفر، لأن الله أنزل عشر آيات في سورة النور في براءتها فمن أنكر براءتها فهو كافر. ولا يجوز التعرض لها بشيء يقتضي النقص بل يجب محبتها والترضي عنها لأن النبي - صلى