مع أن المرتكبين لذلك يعترفون بأن السب ليس مأمورا به لا على الوجوب ولا على الندب، ولو تركوه لم يسألهم الله عن تركه. ولو كان السب طاعة مأمورا بها لأمر الله بسب إبليس الذي هو أشقى الخلق وسب فرعون وهامان وقارون وغيرهم من الكفرة. فلو لم يلعن الانسان في عمره قط أحدا منهم لا يعاقبه الله ولا يسأله عن ترك السب. فكيف هؤلاء المبتدعة يرتكبون لعن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين نصروه وبلغوا شريعته لأمته.
يروى أن سيدنا عليا رضي الله عنه تناظر مع بعض من ينكر البعث. فقال له سيدنا علي رضي الله عنه إن صح ما تقول أنت يعني من عدم البعث نجوت أنا وأنت وإن صح ما أقول أنا من البعث نجوت أنا ولم تنج أنت فأنا ناج على كل حال وأنت على النظر، فلم يقدر ذلك المناظر على جوابه.
فلذلك يقال للمبتدع المتعرض لسب الصحابة المجيز له بالنسبة للمانعين وهم أهل السنة: إن صح ما يقول المبتدعة من الجواز نجونا نحن وهم لأنهم يسلمون أن تارك السب لا يسئل عن ذلك ولا يعاقب، وإن صح ما يقول أهل السنة من المنع نجا أهل السنة وهلك أهل البدعة؛ فأهل السنة ناجون على كل حال وأهل البدعة على خطر.
وهذا كله على سبيل الفرض وإرخاء العنان في الجدل. وإلا فهم الهالكون قطعا لتعرضهم لسب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولو سئل اليهود وقيل لهم من خير الناس عندكم لقالوا: أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام. ولو سئل النصارى وقيل لهم من خير الناس عندكم لقالوا: أصحاب عيسى عليه الصلاة والسلام. ولو سئل الفرقة التي تبغض الصحابة [من شر الناس عندكم] لقالوا: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -.
نسأل الله أن يرزقنا محبة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته وأن يحيينا ويميتنا ويبعثنا عليها وأن يحفظنا من بغض أحد