ثم بعد تلاوة هذه الآيات أو كتابتها في صحيفة يقول له السني: هذه الآيات من القرآن العزيز أنزلها الله تعالى مثنيا بها على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وشاهدا لهم بأنهم صادقون ومخبرا بأن لهم الجنة، وقد أقررت بأنها آيات الله فيلزمك ترك الطعن عليهم والقدح فيهم لأنك إن فعلت ذلك كنت مكذبا بما تضمنته هذه الآيات وتكذيب آيات الله كفر فما تقوله في ذلك؟ فإن قال إن هذه الآيات لا تشملهم؛ قلنا يدفع ذلك قوله تعالى:{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} وعلى فرض إرخاء العنان وتسليم أنها لا تشملهم، يُسئل عمن نزلت فيهم فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه الله فدعا الناس إلى الله تعالى ومكث فيهم ثلاثا وعشرين سنة يترل عليه القرآن ويتلوه عليهم ويعلمهم الأحكام والشرائع فآمن به خلق كثير. ولما توفاه الله تعالى كان عددهم نحو مائة ألف وأربعة وعشرين ألفا وأنزل فيهم هذه الآيات، فيها مدحهم والثناء عليهم، وشهد لهم بأنهم صادقون وأن لهم الجنة. وكذلك جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة تشهد لهم بمثل ذلك بعض تلك الأحاديث عامة وبعضها خاصة بناس مذكورين فيها أسماؤهم. فهل هذه الآيات عامة لهم جميعا أو خاصة ببعضهم؟ فإن قلت إنها خاصة ببعضهم فمن ذلك البعض هل هو معلوم أو مجهول وهل هو كثير أو قليل وهل منهم الخلفاء الأربعة وبقية العشرة والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار كأهل بدر وأحد وبيعة الرضوان أم لا؟ فإن قال إنها عامة للجميع وجب عليه أن يعتقد نزاهتهم عما يعتقده فيهم ويؤول كلما وقع بينهم من الاختلاف ويحمله على الاجتهاد وطلب الحق وأن