والموضوع وعرفوا الرواة وميزوا الثقة الذي تقبل الرواية عنه من غيره. وكل ذلك موضح مبسوط في كتب التواريخ والسير وطبقات العلماء بل ألفوا كتبا خاصة في أسماء الرجال طبقة بعد طبقة وذكروا فيها صفاتهم وتواريخ ولاداتهم ووفاتهم وتفاوت درجاتهم في العلم ومن يقبل منهم ومن لا يقبل، كل ذلك لله الحمد موضح مبين بغاية التوضيح والبيان.
فإذا صارت المناظرة والاستدلال من أحد المتناظرين لا يقبل شيء من الروايات ولا من الرواة إلا من حكم الأئمة العارفون بقوله ولا تقبل رواية المجهول ولا من حكموا عليه بالضعف وعدم القبول ولا يقبل في الجرح والتعديل إلا قول الأئمة العارفين. وأما غيرهم ممن لا معرفة له بالحديث أو لم يذكره أحد من أئمة الحديث ولم يترجموا له في رجال الحديث ولم يبينوا أوصافه فإنه لا يقبل قوله ولا روايته ولا تصحيحه ولا تضعيفه ولا جرحه ولا تعديله. فإذا حصل الاشتباه في أحد تراجع كتب الأئمة فإن وجد مذكورا فيها بالعدالة والمعرفة والضبط قبلت روايته بعد تصحيح إسنادها إليه وإن وصف بعدم ذلك لم تقبل روايته، وكذا لو لم يذكروه أصلا فإنه لا تقبل روايته ولا تصحيحه ولا تضعيفه ولا جرحه ولا تعديله. فإذا اتفق المتناظران على هذا الأصل أيضا أمكنت المناظرة بينهما حينئذ بإيراد ما يورده كل منهما وإقامة الدليل عليه من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس وإسناد ذلك إلى الثقات من الأئمة وإلى كتبهم المشهورة. فإن لم يتفقا على هذا الأصل لا تمكن المناظرة بينهما.
وإذا حصلت المناظرة بينهما فليكن السني حريصا على إقامة البرهان والحجة على خصمه أولا بالآيات القرآنية التي تلزم خصمه الاعتراف بتراهة الصحابة عما يقدح فيهم وفي عدالتهم. ثم بالأحاديث النبوية الدالة على ذلك أيضا. ولا يذكر له شيئا من