وقال الزمخشري: ولقد تأملت من فصاحة هذه الآي والمخالفة بينها في الأسلوب عجبا. ألا تراه في الأولى أسند الفعل إلى ضميره خاصة بقوله: {فأردت أن أعيبها}، وأسنده في الثانية إلى ضمير الجماعة والمعظم نفسه في قوله {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا}، {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا}، ولعل إسناد الأول إلى نفسه خاصة من باب الأدب مع الله تعالى، لأن المراد عيب، فتأدب ثم نسب الإعابة إلى نفسه، وأما إسناد الثاني إلى الضمير المذكور، فالظاهر أنه من باب قوله خواص الملك: أمرنا بكذا، أو دبرنا كذا، وإنما يعنون أمر الملك ودبر، ويدل على ذلك قوله في الثالثة: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} فانظر كيف تغايرت هذه الأساليب ولم تأت على نمط واحد مكرر يمجها السمع وينبو عنها، ثم انفجرت هذه المحالفة على رعاية الأسرار المذكورة، فسبحان اللطف الخبير. حاشية الكشاف (٣/ ٦٠٧) وانظر: "روح المعاني" للألوسى (١٥/ ١٦) (٢) [الكهف: ٨٢]