بعيدا عن أمراضها المادية والخلقية ولتمكنت مشيئة الله من إنماء حياة المسلمين والإنسانية في كل أرجاء العالم.
ولم تخل اليمن من أمراض القوى الإسلامية الكبرى، فقد وجدت صراعات داخلية في ظل نظام الحكم الزيدي الإمامي هي: صراعات أسرية على الإمامة، وصراعات فيما بين القبائل ذات الشوكة من ناحية، وفيما بينها وبين دولة الإمامة من ناحية أخرى، وصراعات بين دولة الأئمة وبين قوة الحركة الإسماعيلية الباطنية- القرمطية، المتمركزة في منطقتي (حراز) و (نجران).
وكان حكم الإمامة يتسم تارة بالعدل وتارة أخرى بالجور، وأحيانا بالقوة وأحيانا بالضعف، ولأخلاقيات وزراء الإمام ودعاة الإمامة وطبيعة سلوك الإمام تأثير كبير بالإيجاب أو السلب على طبيعة النظام الحاكم.
وكانت سيادة اليمن غير كاملة على كل أجزائها، فهناك الصراع ضد سلطة أشراف أبي عريش والمخلاف السليماني، وهناك سلطنات مستقلة كسلطنه (لحج) في الجنوب، وهناك سلطنة الأتراك في (زبيد)، وقد احتل الإنجليز عدن عام ١٢٥٥هـ (بعد موت الشوكاني بخمس سنوات)، واحتل أنصار الدعوة الوهابية (السلفية) بلاد أبي عريش والمخلاف السليماني، وتمكنوا من الاستيلاء على الحديدة (أيام الإمام المتوكل على الله أحمد) وكانت دولة الأئمة تهادن حركة (محمد بن عبد الوهاب)، فتبادل أنصارها المكاتبات والرسل، وقاموا بتطبيق ما قام به سيدنا (علي رضي الله عنه) من تحطيم للقباب وتسوية للقبور بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سلوك أثلج صدور علماء الحركة الوهابية (السلفية) وقد قام الشوكاني بدور بارز في تلك المكاتبات والمقابلات لأولئك العلماء (الرسل) وكان له دور بارز أيضا في إقامة العلاقات الدبلوماسية الناجحة مع أشراف مكة والحجاز، وأشراف أبي عريش والمخلاف السليماني، وقوات (محمد علي باشا) عبر مكاتباته التي يسندها الأئمة إليه، وغير الرسل التي يوكل الأئمة له صلاحية اختيارهم.