للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا قال ابن بهران في الكافل بلفظ: والصحابة كلهم عدول إلا من أبا. قال ابن لقمان في شرحه أنه المختار عند الأكثر، وقال إلا من أبا العدالة منهم بأن ظهر فسقه ولم يتب. وأهل هذا القول يقبلون مجهول الصحابة، وفي عده مذهبًا مستقلًا كما وقع في بعض كتب الأصول كالغاية والمعيار نظر. لأنه عين المذهب الأول، فلا يتم جعله مخالفًا له إلا مع الإغماض عما ذكره المحلي [٩ أ] وابن شريف وابن الوزير (١) كما سبق، وقد تركه ابن الحاجب (٢) وصاحب جمع الجوامع (٣) فأصابا، ونسب ابن الحاجب إلى المعتزلة (٤) القول بأن الصحابة كلهم عدول إلا من قاتل عليًا لا كما فعله الإمام المهدي في المعيار [١٢].

المذهب الثالث: أنهم كغيرهم، وهذا قول القاضي أبو بكر الباقلاني.

المذهب الرابع: أنهم كلهم عدول إلى حين ظهور الفتن، وهذا قول عمرو بن عبيد (٥).

إذا عرفت هذا تبين لك أن قبول مجهولهم مذهب جميع الأمة، ولم يخالف في ذلك إلا عمرو بن عبيد وأبو بكر الباقلاني على أن عمر بن عبيد من القائلين بعدالة مجهولهم قبل ذلك الوقت وبعده إذا لم يلابس الفتن فلا مخالف في ذلك على الحقيقة إلا أبو بكر الباقلاني. قال العلامة ابن الوزير في التنقيح (٦) وأما القول بعدالة المجهول منهم فهو إجماع


(١) في "التنقيح" (ص ٢٥٩).
(٢) في "مختصر المنتهى" (٢/ ٦٧).
(٣) (٢/ ١٦٦).
(٤) تقدم آنفًا
(٥) هو عمرو بن عبيد بن باب التيمي بالولاء أو عثمان البصري، شيخ المعتزلة في عصره، ومفتيها، وأحد الزهاد المشهورين، كان جده من سبي فارس، وفيه قال المنصور: "كلكم طالب صيد غير عمرو بن عبيد" له رسائل وخطب وكتب، منها "التفسير" و"الرد على القدرية".
انظر "الأعلام للزركلي" (٥/ ٨١).
(٦) (ص ٢٦٧).