قالوا: وحديث فاطمة بنت قيس فيه مطاعن بضعف الاحتجاج به وحاصلًا أربعة مطاعن: ١ - كون الراوي امرأة ولم تقترن بشاهدين عدلين يتابعانها على حديثها. ٢ - أن الرواية تخالف ظاهر القرآن. ٣ - أن خروجها من المنزل لم يكن لأجل أنه لا حق لها في السكن بل لإيذائها أهل زوجها بلسانها. ٤ - معارضة روايتها برواية عمر. وأجب بأن كون الراوي امرأة غير قادح، فكم من سنن ثبتت عن النساء يعلم ذلك من عرف السير وأسانيد الصحابة. وأما قول عمر: "لا نترك كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت" - أخرجه مسلم رقم (٤٦/ ١٤٨٠) - فهذا تردد منه في حفظها، وإلا فإنه قد قيل عن عائشة وحفصة عدة أخبار، وتردده في حفظها عذر له في عدم العمل بالحديث، ولا يكون شكه حجة على غيره. وأما قوله: إنه مخالف للقرآن وهو قوله تعالى: {لا تخرجوهن من بيوتهن} [الطلاق: ١]، فإن الجمع ممكن بحمل الحديث على التخصيص لبعض أفراد العام، وأما رواية عمر فأرادوا بها قوله: وسنة نبينا وقد عرف من علوم الحديث أن قول الصحابي من السنة كذا يكون مرفوعًا. فالجواب: أنه أنكر أحمد بن حنبل هذه الزيادة من قول عمر، وجعل يقسم ويقول: وأين كتاب الله إيجاب النفقة والسكنى للمطلقة ثلاثًا، وقال: هذا لا يصح عن عمر سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لها السكنى والنفقة"، فإنه من رواية إبراهيم النخعي عن عمر، وإبراهيم لم يسمعه من عمر، فإنه لم يولد إلا بعد موت عمر بسنين. وأما القول بأن خروج فاطمة من بيت زوجها كان لإيذائها لأهل بيته بلسانها، فكلام أجنبي عما يفيده الحديث الذي روت، ولو كانت تستحق السكنى لما أسقطه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبذاءة لسانها، ولوعظها وكفها عن إيذائة أهل زوجها. ولا يخفى ضعف هذا المطاعن في رد الحديث. فالحق: ما أفاده الحديث أن المطلقة ثلاثًا ليس لها سكنى ولا نفقة. وانظر: "زاد المعاد" (٥/ ٦٧٥).