للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من (١) إبراهيم ". فإذا كان نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أحق بطلب الطمأنينة من إبراهيم الخليل، فنحن أيضًا -أيتها الأمة- أحق بذلك منه.

وليس في هذا -والعياذ بالله- ما يقدح في دين طالب الطمأنينة أو يثلم في إيمانه؛ لأنه طلب شيئا طلبه أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام. فأين نحن منهم؟ وملائكة الله -سبحانه- تتنزل عليهم في الوقت بعد الوقت، والحين بعد الحين، ويرون من براهين الله سبحانه ما لا يمكننا الوقوف عليه، ولا الوصول إلى بعضه.

وقد ورد في الأحاديث الكثيرة الصحيحة في الوسوسة، ما هو معروف، فلنذكر بعضه هاهنا:

فأخرج أحمد (٢) ومسلم (٣) من حديث أنس مرفوعا:» إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول: من خلقك؟ فيقول: الله. فيقول: من خلق الله؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله ورسوله [٤ ب]؛ فإن ذلك يذهب عنه «.


(١) قال الحافظ في "الفتح" (٦/ ٤١٢): ثم اختلفوا في معنى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نحن أحق بالشك" فقال بعضهم: معناه نحن أشد اشتياقا إلى رؤية ذلك من إبراهيم، وقيل معناه إذا لم نشك نحن فإبراهيم أولى أن لا يشك، أي لو كان الشك متطرقا إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به منهم. وقد علمتم أني لم أشك فاعلموا أنه لم يشك، وإنما قال ذلك تواضعا منه، أو من قبل أن يعلمه الله بأنه أفضل من إبراهيم، وهو كقوله في حديث أنس عند مسلم: "أن رجلا قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا خير البرية قال ذاك إبراهيم، وقيل أن سبب هذا الحديث أن الآية لما نزلت قال بعض الناس: شك إبراهيم ولم يشك نبينا فبلغه ذلك فقال: نحن أحق بالشك من إبراهيم.
وقال ابن الجوزي: إنما صار أحق من إبراهيم لما عانى من تكذيب قومه وردهم عليه وتعجبهم من أمر البعث فقال: أنا أحق أن أسأل إبراهيم، لعظيم ما جرى لي مع قومي المنكرين لإحياء الموتى ولمعرفتي بتفضيل الله لي، ولكن لا أسأل في ذلك.
(٢) في "المسند" (٣/ ١٠٢).
(٣) في صحيحه رقم (١٣٦).