للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقول: الجواب بعون الله الملك الوهاب ينحصر في أبحاث أربعة:

الأول: في الكلام على طرق الحديث المسئول عنه.

الثاني: في الكلام على متنه.

الثالث: في العلة التي لأجلها ورد ذلك الحديث.

الرابع: في حكم الصلاة في المكان الذي فيه قبر.

أما الكلام عن الأول فاعلم أن هذا الحديث مما وقع الاتفاق بين جميع علماء الحديث على صحته، ولم يتكلم أحد منهم عليه بما يقتضي تضعيفه، ويغلب في ظني أنه متواتر (١) المعنى، وذلك لأنه رواه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - جماعة من الصحابة، منهم: أبو هريرة، أخرج حديثه الشيخان (٢)، وأبو داود (٣)، والنسائي (٤)، وعائشة


(١) المتواتر: هو ما رواه جمع كثير، تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، أو وقوعه منهم من غير قصد التواطؤ، عن جمع مثلهم، حتى يصل المنقول إلى منتهى السند، ويكون مستند علمهم بالأمر المنقول عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المشاهدة أو السماع.
وقد تكون السنة المتواترة قولية، أو فعلية، والأولى قليلة، والثانية كثيرة، وهي نوعان: لفظي، ومعنوي.
اللفظي هو: ما اتفق رواته في لفظه - ولو حكمًا - وفي معناه وذلك كحديث: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار".
والمعنوي: هو ما اختلفوا في لفظه ومعناه مع رجوعه لمعنى كلي، وذلك بأن يخبروا عن وقائع مختلفة تشترك في أمر واحد، فالأمر المشترك المتفق عليه بين الكل هو المتواتر، فمنه أحاديث رفع اليدين في الدعاء، فقد روي عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نحو مائة حديث فيه رفع يديه في الدعاء لكنها في قضايا مختلفة، فكل قضية منها لم تتواتر، والقدر المشترك فيها وهو الرفع عند الدعاء تواتر باعتبار المجموع.
"إرشاد الفحول" (ص ١٨٨) بتحقيقنا، "الكوكب المنير" (٢/ ٣٢٤)، "المحصول" (٤/ ٨٣، ٢٢٧).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٣٧). ومسلم رقم (٥٣٠ و٥٣٢).
(٣) في "السنن" رقم (٣٢٢٧).
(٤) في "السنن" رقم (٤/ ٩٥، ٩٦ رقم ٢٠٤٧). وله عندهم ألفاظ، منها: من حديث أبي هريرة قال: قال: "لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". ومنها "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".