للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إتحاف المهرة بالكلام على حديث لا عدوى ولا طيرة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله. تحقيق ما هو الحق في جواب هذا السؤال يتوقف على تنقيح الكلام في الأحاديث الواردة في نفي العدوى والطيرة على العموم والجمع بينها وبين ما ورد مخالفًا لها.

فأقول وبالله أستعين: حديث "لا عدوى ولا طيرة" أخرجه الشيخان (١) من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة"، فقال أعرابي: ما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها قال: "فمن أعدى الأول؟ ".

قال معمر: قال الزهري (٢) فحدثني رجل عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يقول: "لا يوردن ممرض على مصح"، قال: فراجعه الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة" قال: لم أحدثكموه.

قال الزهري: قال أبو سلمة قد حدثت به وما سمعت، أبو هريرة نسي حدثنا قط غيره، هذا لفظ أبي داود (٣) ولهذا يتبين ما وقع في رواية أخرى (٤) أن أبا هريرة لما قيل له قد حدثتنا أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا عدوى" .. الحديث. رطن بالحبشية فإن هذه الرطانة (٥) هي إنكار التحديث كما وقع مبينًا في هذه الرواية وقد روى


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٥٧٧٠) ومسلم رقم (١٠١/ ٢٢٢٠).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٥٧٧٤) ومسلم رقم (١٠٤/ ٢٢٢١).
(٣) في "السنن" رقم (٤/ ٢٣٢).
(٤) تقدم آنفًا.
(٥) وفي الحديث: "فقال للحارث: أتدري ماذا قلت؟ قال: لا. قال أبو هريرة: قلت أبيت".