للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الأحاديث الدالة على عدم جواز التطير، ما أخرج أبو داود (١)، والنسائي (٢) من حديث بريدة أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث غلامًا سأل عن اسمه فإذا أعجبه (٣) اسمه فرح به ورئي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمه رئي كراهة ذلك في وجهه.

وظاهر ما أسلفنا من الأحاديث أنه لا يجوز اعتقاد ثبوت العدوى في شيء ولا التطير من أمر من الأمور، ولكنه قد ورد ما يعارض ذلك في الظاهر كحديث الشريد بن مؤيد الثقفي عند مسلم (٤) والنسائي (٥) وابن ماجه (٦) قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: أنا قد بايعناك فارجع.

وأخرجه البخاري في صحيحه (٧) تعلقًا من حديث سعيد بن مثنى قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "لا عدوى ولا طيرة ولا هام ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد". ومن ذلك حديث: "لا يورد ممرض على مصح" المتقدم (٨).


(١) في "السنن" رقم (٣٩٢٠).
(٢) في "السنن الكبرى" رقم (٥/ ٣٥٤ رقم ٨٨٢٢) وهو حديث صحيح.
(٣) منها ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢٧٣١، ٢٧٣٢) وفيه: "لما جاءهم سهيل بن عمرو يوم الحديبية قال: قد سهل لكم من أمركم". وذكر الحافظ له شاهدين في "الفتح" (٥/ ٣٢٠).
(ومنها): ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦١٩٠، ٦١٩٣) عن الزهري عن ابن المسيب عن أبيه أن أباه جاء إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ما اسمك؟ قال: حزن. قال: أنت سهل. قال: لا أغير اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيب فما زالت الحزونة فينا بعد".
(٤) في صحيحه رقم (٢٢٣١).
(٥) في "السنن" (٧/ ١٠٥).
(٦) في "السنن" رقم (٣٥٤٤).
(٧) في صحيحه رقم (٥٧٠٧).
(٨) البخاري في صحيحه رقم (٥٧٧٤) وقد تقدم.