انظر: "فتح الباري" (١/ ١٤) و"عمدة القاري" (١/ ٢٤). وقال القرطبي في "المفهم" (٣/ ٧٤٤): أنه عموم مؤكد بـ (إنما) الحاصرة، فصار في القوة كقوله: لا عمل إلا بنية. فصار ظاهرًا في نفي الإجزاء والاعتداد بعمل لا نية له. (٢) هذا التركيب يفيد الحصر عند المحققين، واختلف في وجه إفادته لأن الأعمال جمع محلى بالألف واللام مفيد للاستغراق، وهو مستلزم للقصر لأن معناه كل عمل بنية، فلا عمل إلا بنية، وقيل "إنما" وحدها أفادت الحصر واختلفوا هل إفادتها للحصر بالمنطوق أو بالمفهوم أو بأصل الوضع أو بالعرف، أو إفادتها له بالحقيقة أو بالمجاز؟ والظاهر أنها تفيده بالمنطوق وضعًا حقيقيًا وهذا هو المشهور عند جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعة. انظر: "الإحكام" للآمدي (٣/ ٢٩٧، ٢٩٨)، "عمدة القاري" (١/ ٢٣). (٣) قال ابن تيمية في بيان هذا الحديث من وجوه: أحدها: أن النية المجردة من العمل يثاب عليها والعمل المجرد من النية لا يثاب عليه فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة واتفاق الأئمة أن من عمل الأعمال الصالحة بغير إخلاص لله لم يقبل منه ذلك، وقد ثبت في الصحيحين من غير وجه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة". ثانيها: أن من نوى الخير وعمل فيه مقدوره وعجز عن إكماله كان له أجر كامل كما في الصحيح - عن البخاري رقم (٤٤٢٣) - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم، قالوا: وهم بالمدينة قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر". ثالثها: أن القلب ملك البدن والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث الملك خبثت جنوده، والنية عمل الملك بخلاف الأعمال الظاهرة فإنها عمل الجنود. رابعها: أن توبة العاجز عن المعصية تصح عند أهل السنة كتوبة المحبوب عن الزنا، وكتوبة المقطوع اللسان عن القذف وغيره، وأصل التوبة عزم القلب وهذا حاصل عند العجز. خامسها: أن النية لا يدخلها فساد بخلاف الأعمال الظاهرة فإن النية أصلها حب الله ورسوله وإرادة وجهه، وهذا هو بنفسه محبوب الله ورسوله، مرضي لله ورسوله، والأعمال الظاهرة تدخلها آفات كثيرة، وما لم تسلم منها لم تكن مقبولة ولهذا كانت أعمال القلب المجردة كما قال بعض السلف: "قوة المؤمن في قلبه وضعفه في جسمه، وقوة المنافق في جسمه وضعفه في قلبه". "مختصر الفتاوى المصرية" (ص ١١).