للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وإن تتولوا} معطوف على: {وإن تؤمنوا وتتقوا} فيكون المراد بالتولي الكفر، وهو غير ما أراده صاحب الرسالة من أن المراد عدم الذنب، بل أعم من ذلك.

وقال فيها أيضا: إن (لو) في الحديث المذكور في اللغة لامتناع الشيء (١) لامتناع غيره، ثم بين الامتناع بما معناه، فلم يكن عندي ليؤخذ بلفظه: إن الذنب متعذر عدم كونه من المتكلفين، فالمجيء بآخرين ممتنع كذلك، وذكر مما أجيب به عن معنى الحديث قولا ونقلا، ولم يكن منه ما لاح لي هو أن الذي ينبغي أن يكون (لو) في هذا المقام من قبيل لو لم يخف الله لم يعصه، فيكون معنى الحديث: فأولى أن يذهب لكم، وأنتم تذنبون ويكون المراد بالذهاب الموت.

قال في الأفعال: ذهب (٢) الإنسان ذهابا وذهوبا مات. وهي لأمر مضى، ويكون المراد بالمجيء بآخرين من الجنس غايته تحصيل ما اشتمل عليه التكوين من الأسلاف والأخلاق.


(١) وهو المشهور على ألسنة النحاة، ومشى عليه المعربون أنها حرف امتناع لامتناع، أي يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط، فقولك: لو جئت لأكرمتك؛ دال على امتناع.
وقيل: هي مجرد ربط الجواب بالشرط دالة على التعليق في الماضي كما دلت (إن) على التعليق في المستقبل، ولم تدل بالإجماع على امتناع ولا ثبوت.
واعترض عليه ابن هشام وقال: هذا القول كإنكار الضروريات إذ فهم الامتناع منها كالبديهي.
وهناك أقوال أخرى انظرها في "معترك الأقران في إعجاز القرآن" (٢/ ٢٩٤ - ٢٩٨).
(٢) انظر لسان العرب (٥/ ٦٦) و"الصحاح" (١/ ١٣٠).