للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

سيدنا العلامة المحقق بدر الإسلام محمد بن علي الشوكاني كثر الله فوائده، وجعل سوابغ نعمه وآلائه عليه عائدة، وأتحفه بشريف سلامه، وجزيل إلمامه، دار في ذلك الموقف المبارك بيوم الجمعة مع الاجتماع بكم وبأولئك الأعيان الذين هم أشبه بالملأ الأعلى، كثر الله أعداد أمثالهم من العلماء في الملأ.

ذكر الحديث الشريف، وهو قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "إذا تُكفى همك، ويغفر ذنبك" (١) جوابا على القائل له: جعلت لك صلاتي كلها. فحصلت المراجعة في لفظ الصلاة (٢)، إلام ينصرف؟ هل إلى ذات الأذكار والأركان؟ أم إلى الدعاء؟.


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) الصلاة أصلها في اللغة الدعاء، مأخوذة من صلى يصلي إذا دعا. وقال قوم: هي مأخوذة من الصلا وهو عرق في وسط الظهر ويغترق عند العجب فيكتنفه، ومنه أخذ المصلى في سبق الخيل؛ لأنه يأتي في الحلبة ورأسه عند صلوى السابق، فاشتقت الصلاة منه إما لأنها ثانية للإيمان فشبهت بالمصلى من الخيل، وإما لأن الراكع تثنى صلواه.
والصلا: مغرز الذنب من الفرس، والاثنان صلوان.
والمصلى: تالي السابق؛ لأن رأسه عند صلاه.
وقيل: هي مأخوذة من صليت العود بالنار إذا قومته ولينته بالصلاء. والصلاء: صلاء النار بكسر الصاد محدود، فإن فتحت الصاد قصرت فقلت صلا النار، فكأن المصلي يقوم نفسه بالمعاناة فيها ويلين ويخشع.
والصلاة: الدعاء، والصلاة: الرحمة، ومنه: "اللهم صل على محمد".
والصلاة العبادة، ومنه قوله تعالى: (وما كان صلاتهم عند البيت) أي عبادتهم. والصلاة النافلة، ومنه قوله تعالى: (وأمر أهلك بالصلاة) والصلاة التسبيح، ومنه قوله تعالى: (فلولا أنه كان من المسبحين) أي من المصلين، ومنه سبحة الضحى، وقد قيل في تأويل: (نسبح بحمدك): نصلي، والصلاة: القراءة، ومنه قوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك).
انظر: "الصحاح" (٦/ ٢٤٠٢). و"الجامع لأحكام القرآن" (١/ ١٦٨ - ١٦٩).