للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السؤال الثاني: قال - حفظه الله -: هل يكون السلام على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مقرونا بكل صلاة تلفظ بها، فإذا صلى المصلي عشرا سلم عشرا، مقترنا بها كل سلام مع كل صلاة، ويكون السلام بعد كمال الصلاة، فإذا صلى مثلا ألفا ثم قال بعدها: إما بلا فصل، أو مع تراخ: السلام عليك أيها النبي الكريم .. إلخ، فقد أجزأه، وفعل ما كفاه. انتهى.

أقول: ينبغي للمصلي على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أن يجعل السلام مقترنا بالصلاة كما علمنا الله تعالى بقوله: {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} (١) فلا يحسن إفراد الصلاة عن السلام، كما لا يحسن العكس.

ومن الإفراد أن تأتي بلفظ الصلاة، وتكررها مرات، ثم تأتي بعد ذلك بلفظ السلام مرة، أو مرات، أو بالعكس. وأما تقديم الصلاة على السلام، أو العكس، فليس في القرآن ما يقتضي ذلك، لما تقرر عند أئمة النحو وغيرهم من أن الواو لمطلق الجمع من غير ترتيب ولا معية، ولكنه يستفاد تقديم الصلاة على السلام من غير الآية؛ فإن من تتبع ما ورد عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من ذلك وجده في جميع المواطن بتقديم الصلاة على السلام، إلا في صلاة الصلاة، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - اقتصر في ذلك على تعليمهم كيفية الصلاة ثم قال: والسلام كما علمتم؛ لأنهم قد كانوا عرفوا كيفية السلام عليه قبل أن يعرفوا كيفية الصلاة عليه، كما يشعر بذلك ما أخرجه أحمد (٢)، والبخاري (٣)، ومسلم (٤)، وأبو داود (٥) ............................


(١) [الأحزاب: ٥٦].
(٢) في "المسند" رقم (٤/ ٢٤١).
(٣) في صحيحه رقم (٦٣٥٧).
(٤) في صحيحه رقم (٦٦/ ٤٠٦).
(٥) في "السنن" رقم (٩٧٦ و٩٧٧).