للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخبثين (١)، فدخول المدافع في صلاة الجماعة ليس بمشروع، والجماعة إذا فاتته وهو على تلك الحال فلا نقص عليه في فوتها، لأنه تركها في حال قد نهاه الشارع عن قربانها، فهو بامتثاله النهي أسعد منه بالحرص على طلب فضيلة [٢٦] الجماعة.

قال - كثر الله فوائده - وكاستعمال الماء مع خروج الوقت أو التيمم وإدراك الصلاة في الوقت، فنقول: لا يبرأ عن الشبهة إلا من صلى صلاتين: واحدة بالتيمم، والأخرى بعد خروج الوقت بالوضوء، كقول المرتضى أو الناصر (٢) .. انتهى.

أقول: إن كان من اتفق له ذلك مجتهدا فالاعتبار بما يترجح له، فإن كان يرى في اجتهاده وجوب التيمم لخشية خروج الوقت، كان فرضه التيمم، وإن كان يرى وجوب الوضوء وإن خرج الوقت كان فرضه ذلك، وإن تردد لتعارض الأدلة كان المقام بالنسبة إليه من المشتبهات يفعل ما يراه أحوط، لكن لا يفعل الصلاة مرتين، فإنه قد صح النهي عن أن تصلى صلاة في يوم مرتين (٣). وإذا كان من اتفق له ذلك مقلدا فغرضه العمل بقول من يقلده، إذا كان لا يحصل معه التردد بسبب خلاف من يخالف إمامه، وإلا كان المقام شبهة في حقه على التفصيل المتقدم.

قال - عافاه الله تعالى - وكامرأة خطبها معيب بما يفسخ به عالم ورع، وصحيح


(١) أخرج مسلم رقم (٥٦٠) وأحمد (٦/ ٤٣، ٥٤، ٧٣) وأبو دواد رقم (٨٩) وابن أبي شيبة (٢/ ١٠٠) والحاكم (١/ ١٦٨) والبيهقي (٣/ ٧١) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافع الأخبثين". وهو حديث صحيح.
(٢) انظر البحر الزخار (١/ ١٢١ - ١٢٢).
(٣) أخرج أبو داود رقم (٥٧٩) والنسائي (٢/ ١١٤) والبيهقي (٢/ ٣٠٣) وابن خزيمة (٣/ ٦٩) وابن حبان رقم (٤٣٢) وأحمد (٢/ ١٩) عن سليمان بن يسار - يعني: مولى ميمونة - قال: أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلون، فقلت: ألا تصلي؟ قال: قد صليت إني سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين".
وهو حديث صحيح بمجموع طرقه.