للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والزهد عن معالي الأمور، القنوع عنها بالهين المنزور، قد صار شعارًا لأهل زمانك، وخاصة لازمة لأبناء أوانك، فمن لك بالتجرد للمعالي، المنفق في تحصيلها كل غالي، كما قلت (١)

فمن لك بالملاك مقود نفسه ... يحل بها حيث الحقيقة حلت

يهاجر في حب الملحة إلفه ... ويقطع فيهات حبل كل وصيلة

ويبد إن رام القريب فراقها ... ويقرب إن ما ألسن العدل لجت

ويلبس للتعنيف درعا حصينة ... وينزع عن أعطافه ثوب شهرة

ويطرح الآمال غير معرج ... على ما به عن رتبة المجد ألهت

يجوس ديار الحي [غير مقصر] (٢) ... وينزل في أرجائها بالسوية

يحط بدار الباهلية رحله ... صباحا ويأتي دارها بالعشية

يصمم عزا كالحسام وهمة ... مدى الدهر لا يرضى له بمذلة

إلى أن يرى المبيض من طرق الهدى ... وتجاب من داعي الهوى كل ظلمة

فيبقى عصا الترحال عن كاهل الصبا ... ويحمد ما لاقى به من مشقة

ويلتذ ما قد ناله من أذى الهوى ... ويشكر مسراه على الأبدية

فكل أذى في جانب العز هين ... وكل عنا في شأنه غير حسرة

فلست ابن حر إن تهيبت في العلا ... متالف حالت دون عز ورفعة

ولست من العرب الصميم نجاره ... إذا لم تنل في المجد أربح صفقة

أيرضى بإعطاء الدنية ماجد ... ويجعلها يوما مكان العلية

ويقنع من ورد الصباء بشربة ... [على الضيم] (٣) شيبت بالقذى والكدورة


(١) أي الشوكاني في ديوانه (ص١٠٣ - ١٠٤)
(٢) في الديوان [في كل ساعة]
(٣) في المخطوط على الرغم