ولكنه تعقبه بما يضحك منه فقال: وقع الاختلاف في المذاهب أمر قطعي ظاهر، قد وقع عليه الإجماع، ووجب عليه العمل، وأنت قد عرفت بطلان دعوى الإجماع الذي ادعاه، فإن كانت معارضة ذلك الأمر القطعي بإقراره مستنده إلى هذا الإجماع ففيه ما قد سمعته، وأن كانت المعارضة بمجرد وقوع الخلاف بالضرورة فهذا شيء لا يقول به عالم، لأن الزنا، والربا، وشرب الخمر، وقتل النفس، ونحو ذلك معلوم وقوعه في هذه الأمة بالضرورة، فهل يقول عاقل بأن هذا الوقوع يعارض تلك الأدلة القاضية بتحريمه.
قوله: ولن يصوب الله أمرا نهى عنه.
أقول: لم يتم له هذا التلفيق إلا بالبناء على التصويب قد أبطلناه، فإذا عرفت بطلانه عرفت بطلان هذا الدليل الذي لا يتم إلا به.
قوله: فما بقي إلا تفسير الاختلاف بتخطيه بعض المجتهدين إلخ.
أقول: إذا كانت التخطية داخلة في مسمى الخلاف بأى دليل دل على قصره عليها، على أنك قد عرفت ما سردناه عن الصحابة من ذلك.
نعم لما ألجب المؤلف النصوص القرآنية، ولم يجد طريقا إلى ردها داعيته الحيل في تأويلها، وقع فيما وقع، وهكذا فلتكن التعسفات والتموية على المقصرين، وترويج خواطرهم بما لا طائل تحته.
قوله: وما ذكرتم في شأن التقريرات إلى آخر الرسالة.
أقول: المؤلف لما فرغ من تأصيل هذه المسائل التي مرت له وتقريرها، سلك الآن في تقرير فرعها، وقد عرفت ما هدمنا به الأصل الذي عليه أنبنت، وانهدام الفرع تابع له، والكلام على جميع الرسالة على الاستيفاء يستدعي كتابا حافلا، وقد تبين لك بما أسلفناه بقية الكلام على هذه الرسالة، فإن لم تنتفع بهذا المقدار فلست بمنتفع بالتطويل والإكثار، وطرق مذهب أهل البيت- سلام الله عليهم- مسهلة لا حاجة لطالبها إلى هذه