وقد استدل بعض المانعين من حكم الحاكم بعلمه بهذا الحديث فقال: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعمل بعلمه بعد وقوع سبب ظني، وهو الإيمان. وهذا من الفساد بأظهر مكان؛ فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحصل له العلم بكذب الإيمان، بل ظن ذلك ظنًا بمجرد إتيان تلك المراة الحالفة بولد يشبه من رماها زوجها به، وهذا السبب غاية ما يستفاد به الظن. ولست أظن أن المستدل بهذا الحديث يدعي أن مجرد القافة تفيد العلم، ولو قال بهذا الركب مالاً يقول به غيره، ولا يوافقه عليه أحدٌ.
وأما قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» فهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أبهم هذا الشأن، ولم يفسره فيحتمل أنه التوقف في درء الحد عنها بأيمانها، لأنه قد وج ما يعارض ذلك، مع وجود سبب للحد آخر، وهو أيمان الزوج، ولكنها، لما كانت قد جاءت بسبب درًا الحد عنها، وهو الأيمان، كان ذلك موجبًا للعمل بأيمانها؛ لأنها قد فعلت سببًا شرعيًا، والحدود تدرأ بالشبهات (١)، ولم يحصل علم يقيني بل مجرد حدس قوي بالمشابهة، وفي هذا كفاية لمن له هدايةٌ.